بسم الله الرحمن الرحيم الى الاخ الاستاذ/ عبد الجبارالحاج .. الناشط السياسي والاعلامي ومسئول التواصل الخارجي بساحة الحرية بتعز واحد قيادات الثورة الشبابية اليمنية، وقد جعلتنا تلك الثورة الشبابية الشعبية العارمة اصدقاء وشركاء قِيم ومصيرقبل ان يرى احدنا الاخر وجها لوجه، ارسل مساهمتي المتواضعة هذه المتضمنة لرؤى وآراء شخصية حول حدث الثورة التاريخي المتصاعد الخطى، والمنتظم الايقاع والهادرالفعل، والملاييني الثوار، والراسخ الثبات والتصميم، والفولاذي الارادة ، الواضح الرؤية والهدف.. الموضوع: رؤية من على بعد قريب لمسار الثورة وواقعها والتحديات والمخاطر التي قد تواجهها واساليب مواجهتها، والتعاطي معها نحو تجاوزها اولا : الثورة من زاوية دواعيها ومبررها الموضوعي: ساحرص، في حديثي حول هذا البند، بأقصى قدرممكن، على تحاشي الدخول في تفاصيل وتحليلات واسعة لتشخيص طبيعة الواقع والاوضاع القائمة في البلاد والتي فرضت واوجبت قيام الثورة ، مكتفياً بخطوط عريضة للصورة، وذلك حتى لا يطول بنا الحديث ويتشعب في مجال ليس مجاله بالاساس، واجمالا يمكن القول ان عقودا من الزمن مرت على اليمن، وخاصة منذ قيام ثورة سبتمبر1962م، وبالاخص منذ العام 1977م، حيث وصل علي عبدالله صالح الى الجلوس على كرسي رئاسة البلاد ولا يزال كذلك منذ 33عام متواصلة، منها 21عام بعد اعلان قيام الوحدة اليمنية في مايو1990م، وخلال كل تلك المدة الطويلة جدا، ادارت السلطة الحاكمة شئون الحكم والمجتمع عبر منهج وسياسات واجراءات خاطئة ومتخلفة ومدمرة نتج عنها استشراء واستفحال الفساد المالي والاداري والقيمي والاخلاقي ليشمل ،اتساعا وعمقا ، كل مؤسسات وهيئات ومفاصل الدولة ، والادارة والحياة العامة على نحولا سابق له طوال تاريخ اليمن، واوصلت البلاد الى وضع اُعتبرت فيه اليمن، وفق التصنيف العالمي المعتمد، ضمن الدول الفاشلة، وبلغت مستويات الفقر والبطالة حدودا بالغة الخطورة والنتائج، وقادت تلك السلطة البلاد عبر سلسلة لاتنتهي من الفوضى والفتن والاضطرابات والحروب الداخلية، بلغت ذروة المأساة ، بحرب صيف 1994م وحروب صعدة الستة 2004ـ2010، والتي حصدت عشرات الاف القتلى ومئات الاف الجرحى ودمرت بُنى تحتية ومنشأت وقرى ومساكن هائلة، وشردت مئات الالاف من المواطنيين ، واستنزفت وبددت امكانيات مادية وثروات وطنية هائلة، ومزقت نسيج الوحدة الوطنية ، ووشائج الهوية والانتماء الوطني، وخلَفت فيهما جروحاً وشروخاً عميقة وغائرة لا تزال نازفة حتى الان، كل تلك السياسات والاجراءات والحروب والفتن والاضطرابات الخاطئة والمدمرة والفاسدة، بما في ذلك التعمد المدروس على تعيين كافة المسئولين ، من اعلى المناصب الى ادناها من اكثر الشخصيات فساداً وهزالة وانحرافاً، مع استبعاد الكفاءات والقدرات والقيادات الوطنية النزيهة والكفؤة واقصائها تماما عن المساهمة في قيادة وادارة الدولة والمجتمع، واقول كل تلك السياسات الخاطئة والفوضى والفتن والحروب والاضطرابات والصراعات المتواصلة والدائمة من اجل هدف رئيسي واحد سعت السلطة الحاكمة وعملت بكل جهد ودأب وقوة على تحقيقه وهو ضمان بقاء الرئيس في الحُكم المطلق الى الأبد، وإعداد وتهئية الظروف والاوضاع والترتيبات والأجواء، من ثم ، لتوريث الحُكم من بعده لإبنه!! وذلك بتمكين وتعيين افراد اسرته واقاربهم في قيادات الوحدات العسكرية في الجيش والأمن، وكذا المؤسسات الاقتصادية والايرادية ، وتكوين ثروات مالية هائلة وخيالية لحساباتهم الشخصية من عملية النهب والاستيلاء المنظم والفاحش للمال العام، وفرض الاتاوات والعمولات والشراكات الباطلة ، مستغلين مناصبهم القيادية في الدولة … الخ، وهكذا استطاعت السلطة الحاكمة ، على مدى 33عام من سيطرتها على الدولة والقرار والقوة والثروة والسلطة المطلقة الشمولية، أن تختطف وتصادر مشروع(( الدولة الوطنية)) وتحويلها تحويلا كاملا الى (( دولة العائلة)) الحاكمة في نظام سياسي يقال انه (جمهوري)) و(( ديمقراطي )) ايضا!! وهكذا، وعلي مدى ثلاثة عقود ونيف من عمر تلك السلطة العائلية المتخلفة ، واضافة الى مسئوليتها في تخريب وتدميراقتصاد البلاد وايصالها الى مصاف الدولة الفاشلة ، ونشرالفقروالبطالة الى مستويات مرعبة ، فإنها، وفي سبيل انجاز هدفها المريض والمتخلف بإحلال (( دولة العائلة )) محل (( دولة الوطن )) قامت بأكبر واوسع واخطر عملية تخريب وتدميرمنظم للاحزاب والمنظمات المدنية والحياة السياسية، وافساد وتخريب القيم والمثل والاخلاق العامة بشراء الذمم والضمائروالولا، بالمال والاغراءات والترغيب وبث الفرقة والانقسام والفتن والمنازعات داخل الاسروالقبائل والجماعات والاحزاب والمنظمات والافراد على نحو وبمستويات افقية ورأسية، لم يشهد له تاريخنا الوطني مثيلا من قبل .. وظنت تلك السلطة البائسة واعتقدت اعتقاداً جازماً بانها نجحت في تنفيذ وفرض مشروعها النكوصي المتمثل في تأبيد سيطرتها على الدولة والبلاد، ونقلها بالوراثة من أب الى إبن والى مدى زمني غير منظور او محدود! ! وظنت انها لم تُبق على اية قوة ، ماثلة اومحتملة ، تُشكل او يُحتمل ان تُشكل اي شكل من اشكال الخطورة اوالتهديد لها وعليها، فقد صفتها وقضت عليها الواحدة تلوالاخرى، وباتت صاحبة السيطرة الوحيدة والمطلقة والابدية، ولم تكن في واقع الأمر قادرة ، ولا مؤهلة ، على ادراك حقيقة جوهرية من حقائق الحياة ونواميسها التي تؤكد عليها الشرائع الدينية وعلوم العمران البشري ـ الاجتماع ـ والسياسة، وهي ان كل الاساليب والسياسات والوسائل والاجراءات التي اتبعتها ونفذتها تلك السلطة الحاكمة المطلقة وحققت لها ماظنته وتيقنته نجاحاً تاماً ونهائياً في إحكام قبضتها وسيطرتها على الدولة والحكم والبلاد، بقاءاً وتوريثاً الى ابد الآبدين، كانت هي نفسها وبذاتها وبكاملها تعمل في الطرف المقابل وبذات الحيوية والجهد والدأب على خلق وبناء النقيض المُدمروالمتجاوزلها، واقصد بها هنا ما تعتقده السلطة الحاكمة من تأبيد سيطرتها المطلقة والأبدية على الحُكم والدولة، واقعاً وتوريثاً ، الى ما لا نهاية!! ذلك ان هذه الحقيقة الموضوعية الكبرى تعمل دائما بألية طبيعية وتلقائية وحتمية، حيث ان كل السياسات والاساليب والوسائل والسبل التي اتبعتها السلطة وفرضتها والتي حققت لها ديمومة سيطرتها المطلقة على الدولة والبلاد بدون منازع ، كانت تفرزوتخلق وتبني مئات الاف بل ملايين من المواطنين الذين طحنهم الفساد والفقر والبطالة وانسداد الافق وانعدام الأمل والطموح والشعور بالضياع والعدمية ، هؤلاء الملايين الواسعة الذين يتأجج في نفوسهم وعقولهم براكين الغضب والرفض للواقع المريرالمُزري الذي يعيشونه، وتتفاعل في افكارهم ومشاعرهم بذورالرفض والتمرد والثورة ، هم في الواقع النقيض الصارخ والمُدمرللسلطة العائلية واحتكارها واسئثارها بالسلطة وسيطرتها الشمولية المطلقة والحاسمة ، بحسب اعتقادها وشعورها.. وهكذا يمكننا القول بأن السلطة العائلية القمعية الحاكمة ، بما اتبعته من سياسات وممارسات واساليب واجراءات لتثبيت سيطرتها وتأبيد احتكارها واستئثارها الكامل بالحكم والقوة والثروة وتهميش واقصاء سائر الشعب وقواه الحية، هي التي صنعت وانتجت وبنت وخلقت الثورة الشعبية العارمة التي خطط الشباب لها وفجرها وقادها كنقيض مُدمرومتجاوزاً لها حتما.. ومن هنا نفهم طبيعة الثورة ودواعيها ومبررها الموضوعي المُحتم لها ، وإنها، وهذا حالها ، ثورة انفجرت حتماً واستمرت حتماً وستنتصرحتماً، وليس امامها من خيار سوى خيار واحد لا ثاني له وهو انتصارها الحاسم والمؤكد وفقاً لقوانين وسُنن الحياة منذ بدايتها والى ان يرث الله ذوالجلال والاكرام الارض ومن عليها.. ثانيا: الثورة مرحلة تأكيد الوجود واثبات الأهلية: رأينا من خلال حديثنا الآنف حول البند (( اولا )) ان الثورة الشعبية الشبابية اليمنية كانت حاجة ملحة وضرورة موضوعية حتمية، اوجبتها وحتمت قيامها طبيعة وتركيبة السلطة الحاكمة الحالية ومجمل الاساليب والسياسات والاجراءات التي اتبعتها وسارت وفقها وفرضتها، وتحويل مشروع وطبيعة الحُكم والنظام السياسي من (( دولة الوطن والشعب )) الى(( دولة العائلة والأقارب )) واعتبارالدولة في اليمن (( دولة فاشلة )) سياسياً واقتصادياً ومالياً وفقاً للتصنيف العالمي للدول.. على النحوالذي سبق ان تعرضنا له في سياق البند ((اولا)) الآنف، والذي اوضح بأن الثورة كانت بحق، مطلباً وطنياً شعبياً عاماً للشعب اليمني كله، إلا قليلا من أصحاب المنافع والمصالح الخاصة المرتبطة مصالهم بالسلطة الحاكمة المهيمنة، وذلك ما يثبته ويبرهن عليه بلا ادنى شك ،إنخراط ملايين عديدة من المواطنين باختلاف فئاتهم وشرائحهم ومواقعهم الاجتماعية وبإمتداد ارض وطنهم من أقصاه الى أقصاه، من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ، وهي لم تكن نتاج تأثيرحدث عارض جرى حوله او خارجه او لمجرد الرغبة في كسرحالة الركود والملل والرتابه ابداً، وإنما كان فعلاً واعياً وناضجاً صنعته وحتمته وفرضته جملة مترابطة ومتداخلة ومتكاملة اوضحناها عموماً في سياق حديثنا الآنف في البند ((اولا)) اذ لو لم يكن امرالثورة كذلك لما راينا اليوم، والثورة تكاد تكمل شهرها الرابع ، التزايد المستمروالمتصاعد لملايين المواطنين الذين يعتصمون ويتظاهرون بشكل دائم ومتواصل دون حدوث اية مؤشرات على تناقص أعدادهم او فتورحماسهم او وهن عزيمتهم واصرارهم وصمودهم الراسخ، في حركة سلمية حضارية راقية يواجهون بصدورعارية وبإيمان عميق قمع السلطة ورصاصها الحي واساليبها الوحشية.. اربعة اشهرإلا قليلا ولا تزال ساحات التغيير والحرية المنتشرة في البلاد ومحافظاتها تضج بملايين المواطنيين على اختلاف شرائحهم العُمرية وفئاتهم الاجتماعية وانتماءاتها وتوجهاتها المتعددة سياسيا وثقافيا وايديولوجيا ، المعتصمين والمرابطين داخلها دون فتوراو ملل اووهَن، جعلت القيادات الشبابية الواعية منها مدارس ومراكز ومعامل حية نشطة لاعادة تكوين وصياغة عقلية جديدة ومسلكيات جديدة لجيل جديد هو جيل الثورة بهوية وطنية واحدة وانتماء وطني واحد، ملايين المواطنين جاءوا للساحات واعتصموا فيها وتظاهرون دون ان يحمل فرد واحد منهم اي سلاح !! نَحٌى اصحاب الثأرات ثاراتهم جانبا وترابطوا إخواناً متعاونين بنائين إيجابيين ، والساحات لا تتوقف يوماً عن مزاولة وانتاج ونشرالأعمال الإبداعية من العلوم والفنون والمعارف والنشاطات الثقافية والحوارية والاجتماعية، الكل يبدع وينتج ويتفاعل ويسمع ويرى ويتحاور ويتعلم ويكتسب التجارب الجديدة ويتشرب روح الثورة وعطاءاتها وقيمها ومسلكياتها، وخلال كل ذلك وفي ظل اجوائه يتشكل الانسان اليمني الجديد والاصيل والمفيد لنفسه واسرته ووطنه وشعبه ، اربعة اشهر متواصلة إلا قليلا لم تُضييع الثورة ساعة واحدة ينقطع خلالها الفعل الثوري الخلاق والمباشرعبر مختلف الاشكال والوسائل التعبيرية التوعوية التثقيفية التعليمية الممكنة..ويقف جمع من المفكرين والاكاديميين العرب بإنحناء وإجلال وهم مندهشين أمام تجربة ومسار وإبداعات الثورة الشعبية الشبابية اليمنية والسمات والخصائص المتفردة التني تنفرد بها وتتميزعن سابقاتها من الثورات العربية حتى الان من حيث حشودها الملاينية الهائلة وثباتها وحيويتها واصرارها الراسخ رغم طول فترتها الزمنية بالقياس للثورات السابقة لها، وكذا سلمية ودقة تنظيمها وانشطتها وفعالياتها الابداعية المختلفة، ونجاحها الملحوظ في إدخال مختلف شرائح وفئات الشعب الاجتماعية بوتقة إنصهاروطني ايجابي وخلاق وجديد ويرى البعض منهم بأن الثورة الشعبية اليمنية تستحق، عن جدارة واقتداران تنضم الى قائمة الثورات العالمية الكبرى التي اثٌرت إيجابيا وعميقاً في مسيرة التاريخ الانساني عموما.. وهنا اعتقد بأنه لابد لنا ان نقف قليلا لمناقشة سؤال لطالما سمعناه مرارا وتردد كثيرا عند انطلاق الثورات العربية بدءاً بتونس ثم مصر وليبيا واليمن وغيرها عند مطلع العام 2011م الجاري، سؤال لا شك بطيبة نواياه وصدق بواعثه وحرص مقاصده في الغالب الأعم ، سؤال يتساءل عن ماهي الثورة، وما هو فكرها، او قل برنامجها، واي قوة خططت لها واعدتها وفجرتها وقادتها ؟ وهل لجهات وقوى دولية نافذة اي دور واسهام في تفجيرها؟؟ سؤال او اسئلة تخلو من وجاهة ومشروعية وبواعث حقيقية.. ومحاولة مناقشتها وتحليلها والإجابة عليها يكتنفها قدركبير من المشقة والتعقيد بالنظرالى قلة المعلومات الموثقة حولها، لكن لابأس من مغامرة المحاولة بشكل اولي وعام وغير متعمق.. وفي محاولتي هذه ساستند على الثورة اليمنية كنموذج..وكما ذكرت في بداية هذا الحديث ان الثورة تكونت وتبلورت ونضجت بفعل تراكمات هائلة لسياسات خاطئة وادارة فاشلة واساليب تدميرية قادتها وفرضتها سلطة حاكمة بالغة التخلف واسفرت عن استشراء واستفحال وتجذر الفساد في كافة جوانب ومجالات الادارة والمجتمع وانتشارالفقروالبطالة والتهميش والاقصاء، وتحويل الدولة الوطنية الى دولة العائلة بشكل همجي وفج …الخ، وجعلت اغلبية الشعب الساحقة تشعروتؤمن بضرورة التغيير والثورة كضرورة حياتية مُلحة، وخاصة قواعد وكوادراحزاب المعارضة التقليدية التي فقدت الثقة او كادت بأهلية وارادة وقدرة قياداتها التي تقدمت في السن على قيادة الشعب على طريق الثورة الجذرية الشاملة ، ومع شعورالأغلبية الساحقة من الشباب الجديد بانسداد الأفق وفقدان الأمل والطموح والحافز والإحباط واليأس من مستقبل افضل ممكن، وعبر استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة والفضاء الالكتروني المفتوح والواسع بدأت عملية التواصل بين بعضهم بعضا في اليمن، ومع غيرهم من الشباب العربي وغير العربي تتوسع وتتعمق في تبادل الاراء والنقاشات حول مختلف القضاياء وخاصة الاوضاع الداخلية وفسادها وتخلفها وغياب الحريات والتعذيب وامتهان كرامة الانسان… الخ ، وهنا تبلورت فكرة الثورة وضرورتها ضمن إطار مجاميع محدودة العدد من الشباب الجديد والصاعد، منهم المنتمي الى احزاب تقليدية قائمة ومنهم غير المنتمي حزبياً جمعهم قاسم مشترك كبير واحد يقوم على رفض واقع بلادهم السائد والدعوة الى الثورة لاسقاطه ومن ثم الدعوة الى شعار اقامة(( الدولة المدنية الديمقراطيةالحديثة )) دولة سيادة القانون والقضاء النزيه والمواطنة المتساوية و ضمان الحريات وحقوق الانسان… الخ.. غير ان هذا القاسم المشترك ظل حبيساً داخل تلك المجاميع الشبابية المحدودة وفي اذهانهم غالبا ، الى ان تفجرت الأحداث في تونس وتحولت الى ثورة شعبية تلتها مصر فليبيا وغيرها، حيث كانت بمثابة المشعل لفتيل الثورة في اليمن والمُحفز لها، ونهض عدد محدود جداً من الناشطين الشباب المتحمس بالدور وتحملوا عبء وتضحيات الدعوة والفعل التحريضي للثورة والدعوة لها وتحملوا أعباء هائلة من العذاب والألم والمعاناة في سبيل ذلك، وكان طبيعيا ان تلامس دعوتهم وتحريضاتهم العملية الميدانية احاسيس وشعورالملايين من المواطنين المؤمنين بضرورة التغيير والثورة، وحركت الوترالحساس لديهم بفعل صمودهم واصرارهم العنيد منذ البداية، ولو لم تصادف الدعوة للثورة منذ البدء شعوراً ورغبة حقيقية بضرورة الثورة لدى الملايين من المواطنين ما كان للدعوة للثورة مهما عمل الداعون الرائدون الاوائل، ان تحقق اي استجابة وتجاوب وتفاعل والخروج للمشاركة الفاعلة من قبل ملايين المواطنيين، ولما رأينا صمودهم واصرارهم وتصميمهم المدهش على مواصلة الثورة وتصعيد وتائرها رغم مرور اربعة اشهر إلا قليلا على بدء الثورة .. ونستخلص مما سبق ان الثورة ترجمة عملية لشعور شعبي كاسح بضرورة التغيير واسقاط النظام الفاسد القائم كما ان الطلائع الأولى المتقدمة التي حركت الدعوة للثورة والتحريض عليها من الشباب الجديد المتعدد والمتنوع في توجهاته السياسية وانتماءاته الحزبية او باعتبار البعض منهم غير منتم حزبيا وان الملايين من المتظاهيرين والمعتصمين ليسوا موحدين او متجانسين في الفكر والتوجه والانتماء الايديولوجي.. ومن هنا فان الثورات الشعبية العربية وخاصة منها الثورة اليمنية،تختلف كليا عن طبيعة الثورات الوطنية العربية القديمة إبان منتصف القرن الماضي فهذه الاخيرة كان يخطط لها وتفجرها ويقودها اما تنظيمات سرية داخل الجيش من ضباط احرار او أحزاب منظمة عقائدية، ولهذاكانت معروفة من حيث فكرها وبرنامجها السياسي والايديولوجي وتحت قيادة معروفة ومحددة ، اما الثورات الشعبية الراهنة فمختلفة تماما عن سابقاتها ، اذ تُعد ثورات شعوب عارمة لا هوية فكرية عقائدية سياسية محددة سلفا، ويحركها هدف واحد (( الشعب يريد اسقاط النظام )) ثم يضاف الى ذلك هدف اقامة الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية دولة النظام والقانون والحريات العامة والمواطنة المتساوية، وهذا الهدف بشقيه يمثل قاسماً مشتركا لكل القوى والأحزاب والمنظمات والتوجهات السياسية والفكرية والايديولوجية بدون استثناء او بعبارة اخرى لمصلحتها جميعا، وبالتالي فهي لا تسعى الى السيطرة على الحكم وادارته واحتكاره، وانما إعداد المسرح وتهيئته لممارسة كل القوى والأحزاب دورها ونشاطها السياسي من خلال العملية الديمقراطية الانتخابية النزيهة والشفافة.. على ان هذه الرؤية لا تُغيٌب او تطمس حقيقة ماثلة للعيان تشيرالى ان (( التجمع اليمني للاصلاح)) الممثل لتنظيم (( الاخوان المسلمين )) يقوم بدور بارز ومحوري وكبير في حركة وفعاليات ومسيرة الثورة في اليمن عبر ساحاتها وحشودها الجماهيرية الهائلة ، واعتقد ان ذلك راجع ـ في الأساس ـ الى أليته التنظيمية الهائلة والدقيقة التنظيم والانضباط، وحجمه الحزبي الضخم ، وقدرته على تعبئة وحشد الجماهير إضافة الى امتلاكه لقدرات وامكانيات مالية كبيرة، وذلك كله لا يتوفر بنفس الحجم لدى سائراحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض وهو ما اعطى للإصلاح ذلك النفوذ والسيطرة والتأثير سواء بالنسبة لمسيرة ووقائع وحركة الثورة الشعبية او بالنسبة للحياة السياسية العامة في البلاد، ومثل هذا الدور والتأثير لعبه((الاخوان المسلمين)) في ثورة مصر وإن بدرجة اقل واخف، في حين كان دور وتأثير التنظيمات الاسلامية في ثورة تونس هامشياً وشبه غائب.. ولعل ذلك الدور والنفوذ والتأثيرالأبرز الذي يلعبه(( التجمع اليمني للاصلاح)) في الثورة الشعبية اليمنية مثيراً لجملة من المخاوف والهواجس والقلق لدى سائر الاحزاب الاخرى وشباب الثورة عموما من إحكام سيطرته الأحادية وإقصائه او تهميشه للاخرين والانفراد الكلي بالسلطة لما بعد الثورة ، وربما كان لهذه المخاوف والهواجس والقلق ما يبرره على نحو او آخر، لكن المبالغة فيها وتهويلها قد ينتج عنها اثار وانعكاسات سلبية ومضرة ومعوقة لمسيرة الثورة كلها ونجاحها في تحقيق كامل اهدافها وغاياتها الكبرى، فمن ناحية لم يعد مقبولا اليوم ، في ظل الحقائق والمتغيرات على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي ولا ممكناً ان يقوم الإصلاح وغير الإصلاح بالانقلاب على الديمقراطية والانفراد بالسلطة والسيطرة عليها عن غير الطريق والممارسة الديمقراطية والانتخابات الشفافة النزيهة.. كما ان الاعتراف بالآخر وحقه في التعبير والعمل والتعايش معه، واعتماد صيغة الديمقراطية التوافقية والشراكة الوطنية الحقيقية ربما كانت الصيغة الأنسب والافضل لليمن لمرحلة ما بعد اسقاط النظام الى ان يتم بناءالدولة الحديثة الديمقراطية ومؤسساتها ومنظومتها القانونية واداءها الايجابي لوظائفها ومهامها الدستورية.. ثالثا: اهم الشروط او الضمانات لشباب الثورة: ان الشباب الذي كان له شرف التخطيط والإعداد والتهيئة للثورة وتفجيرها وقيادة مسيرتها وهو يختزن إمكانات وطاقات هائلة جداً وتوثب وحماس متدفق وإيمان راسخ لا يتزعزع بحتمية انتصار ثورته في بلوغ اهدافها الاستراتيجية الكبرى .. إن هذا الشباب وقد صنع أكمل وانضج واعظم ثورة شعبية في تاريخه الوطني، مطالب اليوم من اجل استمرار ومواصلة دوره القيادي لمسيرة ثورته والسيربها نحو النجاح والانتصار الدائم وسط تحديات ومخاطر، موضوعية وذاتية، جسيمة، ان يُسلح نفسه بجملة من الشروط اوالحقائق اوالضمانات الاساسية في تصديه وتعامله مع الواقع المعاش او ما هو كائن بالفعل ، وصولا الى المستقبل الواعد اوما يجب ان يكون، من اهمها: 1) إيمان لا يتزعزع بواقع التعدد والتنوع والاختلاف، وان الثورة الشعبية العظيمة في انطلاقها ومسيرتها قامت على هذه الحقيقة والواقع وهو ما ضمن لها القوة والفاعلية والنجاح حتى الان، ان هذا الإيمان ينطلق من حقيقة ان الكون والحياة بكاملها انما تقوم على قانون التعدد والاختلاف اساسا.. وبدونها او بتعطيلها تفسد الحياة وتتدمر كلية، ومن هنا فان على الشباب ، خاصة، ان لا يُقر ويُسلم بهذه الحقيقة فحسب ، بل عليه الى ذلك رعايتها وحمايتها وتفعيلها دائما في كل مجالات عمله ونشاطه وفكره وممارسته، كضمانة كبرى للنجاح والانتصار.. 2) وإعمالا وتفعيلا للحقيقة او الضمانة سالفة الذكر ، تأتي الضمانة الاساسية الثانية المتمثلة بمبدأ الاعتراف بالآخر والتعايش معه والايمان بكامل حقه في التعبير عن نفسه، قولا وعملا، دون عوائق او قيود او (( تابوهات )) اي محرمات او ارهاب فكري ونفسي بجميع صوره، إن إعمال هذه الضمانة يخلق عملية تفاعلية ايجابية خصبة وثرية وحيوية وخلاقة في ظل افضل بيئة ومناخ طبيعي صحي، يُعبر فيها الجميع ويمارسون حقهم في إعلان ارائهم ومعتقداتهم والدفاع عنها،حيث تتفاعل جميعا مع بعضها البعض وتتلاقح وتتمازج تأثيراً وتأ ثرا ، اخداً وعطاء في عملية مستمرة متصلة دائمة لا تتوقف لإثراء وإخصاب وإنضاج وتجدد حياتنا الفكرية الثقافية السياسية الاجتماعية والعلمية على الدوام.. 3) ديمومة الثورة واستمرارها ، وذلك ان الثورة الحقيقية هي عمل انساني تغييري عميق ومسئول، مستمرومتواصل على نحو ديناميكي حي ومتجدد، ولا ينبغي للثورة وفقاً لهذه الرؤية، ان تتوقف ابدا، او يُخمد اوارها لحظة واحدة، فالثورات العظيمة لا تتوقف مسيرتها الجبارة عند او بعد لحظة انتصارها الاولى المتمثل باسقاط او سقوط الواقع السيئ المرير المثار عليه، اذ ان تحقيق هذا الهدف، على اهميته يمثل الجانب السلبي لفعل الثورة باعتباره عملية هدم، وتكمن اهميته فقط من كونه قد افسح او فتح الطريق امام الثورة لبناء وصياغة واقامة بديلها التاريخي ونموذجها الجديد والافضل المتجاوز للواقع السيئ المنهار اي تأسيس وبناء واقامة الحياة والمجتمع المشرق والمتألق الذي تنشده الثورة، ووفقاً لهذه الحقيقة الرئيسية فالثورة لا يتحدد مصيرها ومستقبلها، ايجاباً او سلباً، بالاوضاع والترتيبات التي قد تعقب سقوط النظام البائد مباشرة بل ان مصير ومستقبل الثورات الكبرى الأصيلة والتاريخية ، يتحدد ويتقرر بمدى حضور واستمرار ومواصلة (( الفعل الثوري )) المتجدد والمتصاعد ، وإبقاء جذوة الثورة متوقدة، وتعميق وتمتين تلاحم طلائعها الواعية بجماهيرها الواسعة وتوشيج وتقوية عُرى الترابط والتفاعل العضوي والفعال بالشعب وقواه وفاعلياته، والسيرمعها وبها وعبرها ومن خلالها نحو مواصلة تحقيق اهداف وغايات الثورة الكبرى والسامية دون نكوص او إحباط او عزوف مهما كانت الاسباب .. 4) ضرورة تسلح طلائع الثورة وقياداتها الشابة الواعية بالقدرة على الحركة السريعة والطليقة والواعية تمكنها من الاستجابة والتعامل مع المتغيرات المتسارعة والمستجدات الطارئة والمفاجئة والمتلاحقة والتي تفرضها قوانين الحياة وحقايق الواقع وزخم الثورة واندفاع مسيرتها المتدفقة وعنفوانها، حركة سريعة طليقة تجابه ما يطرأ على الواقع من حولها من تطورات ومتغيرات ووقائع بعقل منفتح ومتيقض واساليب بناءة خلاقة ومبدعة ، وثقة بالنفس عالية، لا تجبرها على التخندق والانغلاق، عُقد نقص خائفة مترددة، ولا تقولبها وتكلسها دولجة طبقية متعالية، او خيالات شاطحة او تعصب للرأى مقيت، وبرؤية تتسم بواقعية وموضوعية بناءة من ناحية، وتمسك بالمبادئ والاهداف الكبرى من ناحية اخرى، دون افراط او تفريط فان مالايستطاع تحقيقه اليوم سوف يصبح ممكناً غدا، وما لا يتوفر من امكانيات وظروف وشروط تحقيق هدف وعظيم في مرحلة من المراحل، فمن المؤكد توفرها في مرحلة قادمة مع تواصل وتصاعد وتنامي فعل الثورة وحركتها الدائمة وانجازاتها المتحققة، وهكذا تكون الثورة ناجحة وفعالة وايجابية ومنتصره.. 5) ان الثورات الاصيلة والعظيمة لم تكن ، ولا ينبغي لها ان تكون عملا انتقاميا ثأريا وإلا اصبحت مجرد رد فعل عنيف ومدمر يتسم بالآنية والسطحية ، فالثورة الاصيلة هي في الحقيقة عمل انساني تغييري موضوعي يسعى ويتجه الى صياغة وبناء واقامة وتقديم نموذجه الايجابي والبديل الافضل للحياة والمجتمع ، نقضاً او على أنقاض واقع سيئ مرير ومُعطِل ومنهار.. ومع ذلك وبرغم حقيقة ان الثورة ليست عملا انتقامياً ثأرياً ، من حيث كونه جانباً سلبياً هدفيا ، إلا، ان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال ، عدم مساءلة ومحاسبة ومحاكمة وعقاب كل من ثبت ممارسته او اقترافه لجرائم الفساد ونهب وتبديد الاموال والممتلكات العامة والخاصة والقتل والتعذيب وانتهاك الحقوق والحريات العامة والفردية ، بل إن ما نعنيه ان لا يحدث كل ذلك إلا ضمن نطاق واطار القانون والعداله وحكم القضاء وحده، وذلك حتى لا يكون غض النظر وعدم المساءلة والمحاسبة والعقاب مُحفزاً ومُغرياً لكل من سيتحمل مسئولية الوظيفة العامة من بعدهم للإقدام على ارتكاب مثل تلك الجرائم وهم مطمئنون الى انهم سيكونون ، مثل سابقيهم ، في مأمن ومنجى من الحساب والعقاب .. تلك كانت ، اذن، اهم الضمانات الواجب توفرها لدى شباب الثورة وطلائعها وقياداتها الجديدة النقية المتحمسة لتؤدي مسئوليتها ودورها القيادي الواعد باقتدار وفعالية ونجاح وايجابية .. رابعا : اهم التحديات والمخاطر امام شباب الثورة وكيف تُواجه؟ من خلال متابعتي لوقائع ومسيرة الثورة منذ انطلاقتها المباركة واتصالاتي ببعض قياداتها الشابة، احسست بوجود وتنامي جملة من الملاحظات والتخوفات التي اعتبرها ، او يعتبرها ، الشباب من وجهة نظرهم مخاطراو تحديات او مخاوف شكل لديهم مصدر خوف وقلق من انها تهدد واقع الثورة ومستقبلها، بسرقتها او احتوائها او اجهاضها او الانحراف بمسارها واهدافها في اتجاه معاكس لمقاصدها ومراميها .. والواقع انني عبرت لهم، واقصد بهم من تواصلت معهم عن انطباعي الاولي ووجهة نظري التي تعتقد ان بعضاً من تلك الهواجس والشكوك والمخاوف تستند الى اساس وجيه ولها ما قد يبررها الى حد ما ، في حين ان بعضها الآخر جرى تهويله وتضخيمه الى حد كبير ولا يستند الى اساس او مبرر كاف ووجيه، وان كان إثارتها وبروزها امر طبيعي في سياق حدث تاريخي عظيم كالثورة الشعبية اليمنية العارمة.. وفي سياق مناقشتنا لها وحولها في هذا البند الاخير ، فاننا سنكون مضطرين الى اعتماد الشفافية الى اقصى حد والصراحة المباشرة حيث سنسمي الاشياء دون مواربة او تعمية وليس مقصدنا من ذلك توجيه إساءة الى اي فرد او جهة او استهدافها على الاطلاق، بل ان هدفنا جلاء الحقائق وتبيين الملابسات وتوضيح الرؤية الى اقصى الحدود الممكنة خدمة للثورة وحرصاً على استمرار مسيرتها وزخمها في جو اكثر اماناً وايجابية.. وقد لا يكون في مقدورنا ، هنا ان نستعرض ونناقش كل الهواجس والتخوفات والشكوك ، من واقع البعد عن ساحات الثورة وعدم معايشتها معايشة مباشرة، ولهذا سنقتصر على بعض من اهمها.. 1) هيمنة التجمع اليمني للاصلاح على ساحات الثورة وفعالياتها: يبدو ان هيمنة الإصلاح على ساحات وفعاليات الثورة ، يمثل لدى قطاعات من شباب الثورة وكوادرها الهاجس او الشك او التخوف الأكبر والأهم، ولهذا فسنوليه اهتماما اكبر ومساحه اوسع في المناقشة.. فمن المعلوم ، بصفة عامة، ان الثورة خلال مرحلة انطلاقتها الاولى، جرى الإعداد والتهيئة والانطلاق بمبادرات شبابية بعيداً عن دوراوإسهام مباشر ورسمي من قبل احزاب المعارضة المتكتلة في (( اللقاء المشترك )) والإصلاح في مقدمتها واقواها، اقصد أنه لم يكن هناك قرارات حزبية اتخذتها هذه الكيانات الحزبية للمشاركة في الثورة وهذا لا ينفي مشاركة وانخراط بعض من قواعد وكوادر تلك الاحزاب الشابة في الثورة إعدادا وتهيئة وتفجيرا، بصفتهم الشخصية وليس الحزبية، فقد كان شباب الثورة يضم شبابا من قواعد تلك الاحزاب وكوادرها الشابة، في حين ظلت الاحزاب المعارضة ككيانات حزبية وعبر قياداتها العليا، خلال مرحلة الثورة الاولى، تتعامل مع أحداث الثورة المتصاعدة في مرحلتها الاولى، بقدر من الحذر والمتابعة والرصد السلبي لوقائعها ، وحيث كانت احزاب(( اللقاء المشترك )) منخرطة في حوار تفاهم مع السلطة الحاكمة فانها لم تخف موقفها المرتاب من الثورة او في احسن الاحوال الامتناع عن اعلان تأييدها ومشاركتها لها ودعمها، بل إنها لم تخف موقفها بأنها وان كانت تبارك الثورة السلمية فانها تؤمن بان الحل السياسي عبر الحوارمع السلطة الحاكمة هو الطريق الاسلم لمعالجة الازمة السياسية.. ومع تنامي وتصاعد الثورة السلمية واتساع نطاقها شعبيا، وتعثر وفشل حوارها مع السلطة، تطور موقفها شيئا فشيئا الى ان وصل الى اعلان تأييدها ومساندتها ودعمها للثورة داعية اعضائها ومناصريها للانخراط فيها .. وهنا يبدو واضحا ان(( الإصلاح )) اقوى أحزاب المعارضة واكثرها شعبية وقدرة وكفاءة قرر ان يرمي بأليتة التنظيمية الجبارة ذات التنظيم الحديدي والمنضبط والقدرة الهائلة على التعبئة والحشد، والامكانيات المالية واللوجيستية الكبيرة، في ساحات الثورة وميادينها وفعالياتها وانشطتها من خلال كوادره الكفؤة والمدربة، وفي ظل تغطية اعلامية كفؤة وموثرة ومحترفة استطاع تجييرها او توظيفها لصالحه في الغالب الأعم متبنية خطابه وادبياته ومبرزة كوادره وقياداته الميدانية قنوات(( الجزيرة )) اولا ثم قناة (( سهيل )) لاحقا،ومما لا شك فيه ان دخول(( الإصلاح)) الى ساحات الثورة وانشطتها بذاك الزخم والثقل الهائل قد افاد الثورة وساعدها على التوسع والانتشار والصمود والاستمرار (مستشفيات ميدانية ـ ادوية ـ غذاء ـ تمويل نشاطات وفعاليات ـ وسائل اعلام… الخ) وبالمقابل فقد كان امراً طبيعيا ومتوقعا ظهور(( الإصلاح )) بمظهر المهيمن او المستبد او المسيطر ، باعتباره الطرف الأقوى والأكثر تنظيما والأكفاء حركة والأوسع شعبية والاقدر مادياً، وهذا وضع طبيعي في قوانين واعراف العمل السياسي عموما، ومن ناحية اخرى كان متوقعاً وطبيعياً ان تشعر سائر قوى شباب الثورة والتوجهات السياسية والحزبية الاخرى بالتهميش وربما احيانا بالتقليص او العزل بقدر او بآخر ، وذلك ما دفع اجهزة السلطة الحاكمة الى تجريد حملات مكثفة لا تزال قائمة حتى اللحظة في محاولة لتعميق الخلاف وإحداث الانشقاقات والصراع داخل صفوف ومكونات الثورة ! والواقع يفرض على جميع اطراف ومكونات وقوى الثورة الشعبية السلمية ان تدرك وتعي حقيقة جوهرية واضحة وساطعة بأن الثورة ،اساسا، فعل شعبي جماهيري عارم، بالملايين العديدة من المواطنين الذين يتظاهرون ويعتصمون في طول البلاد وعرضها على نحو متواصل غير منقطع لأربعة اشهر دون انقطاع ، لم يفجرها ويقود حركتها الهادرة المتصاعدة حزب بعينه ولا ايديولوجيه او فكر محدد بل هي حركة تلقائية عامة حركها ظلم السلطة وقهرها وفسادها وبؤس واقعها وحياتها، للاندفاع مطالبة باسقاط وتغيير تلك السلطة ، هذا هو الهدف الذي حفز الثورة وصنعها وفجرها واشعل نارها واجج لهيبها على نحو غيرمسبوق في تاريخ اليمن، وبناء عليه فانه اذا ما اعتقد اي حزب او قوة بعينها او سعى او حاول احتواء الثورة او حشرها داخل عباءته الحزبية االضيقة فانه يخطئ خطأ فادحا ويلحق بها ضررا بالغا، اذ ينزع بمحاولته وسعيه، عنها أهم عناصر تميزها ونجاحها المتمثل بالتعدد والتنوع الهائل، اذ ضمت كافة القوى والاحزاب والتوجهات والانتماءات والشرائح والفئات والمكونات التي يحتويها المجتمع بدون استثناء ، ويحاول اختزالها وتقزيمها وحشرها في قالبه الضيق ورؤيته الأضيق، وينزع عنها اقوى سلاح نجاحها وانتصارها.. وينبغي على الجميع ادراك حقيقة ان الثورة الشعبية السلمية العارمة لا تسعى – ولاهو في اجندتها مطلقا – الى فرض برنامج او فكر او ايديولوجية خاصة من اي نوع، ولكنها تريد تغييرالواقع المنهار واقامة الدولة الجديدة الحديثة المدنية الديمقراطية الصحيحة كمسرح يتيح لكل قوى واحزاب ومكونات المجتمع بدون استثناء التعبير عن نفسها وبرامجها ورؤاها والتنافس الحروالشريف والمتكافئ في انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة يحدد فيها الشعب موقفه وارادته فيمن يراه الانسب لحكمه وادارة شئونه وفقا للدستوروالقوانين.. ومن هنا فانه اذا كان الحضوروالدور الكبير للإصلاح يهدف الى تمكين الثورة من بلوغ هدفها الاستراتيجي المشار اليه، فهو حضور ودور يستحق الشكر والتقدير ولا يجب ان يكون محل توجس او خيفة او قلق ، وان كان هدفه غير ذلك فسيكون محل نقد ورفض بالتأكيد لانه يضر بالثورة ويعطل مسيرتها ويجهض ولادتها الطبيعية… 2) قادة ووحدات الجيش المؤيدة للثورة: اثارإعلان اللواء/ علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية العسكرية وقائد الفرقة الاولى مدرع، عن تأييده ودعمه السلمي لثورة الشباب السلمية باسمه وباسم الوحدات العسكرية والجنود والضباط الواقعين تحت قيادته، وتلاه اللواء محمد علي محسن الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشرقية باعلانه نفس الموقف، وما اعقب ذلك من اعلان عدد من قادة الوحدات والالوية العسكرية عن تأييدهم ودعمهم السلمي لثورة الشباب السلمية،اثار مزيجاً من الارتياح والارتياب ، أما الارتياح فلانه مثل مكسبا استراتيجيا بالغ الاهمية للثورة، وأما الارتياب فقد نتج عن الشك في النوايا والتخوف من الاهداف والدوافع والهواجس من محاولات الاختراق والاحتواء وضرب الثورة من داخلها ، خاصة وان هؤلاء القادة كانوا من ابرز اركان ودعائم السلطة وحماتها منذ عقود من الزمن وزاد من حدة هذه المخاوف والشكوك ومشاعرالارتياب ما عُرف منذ زمن طويل عن علاقات طيبة تربط بين (( الإصلاح )) واللوائين علي محسن الأحمر ومحمد علي محسن الأحمر بشكل عام.. ولست اريد هنا ان احاجج لاثبات سلامة موقف اللواء /علي محسن الأحمر، خاصة، وحسن نوايا، وصدق مقصده وان كنت اعتقد ذلك ، لكنني ساورد فيما يلي، اهم وابرز ما نتج عن ذلك الموقف من اثار ونتائج ومترتبات: أ ـ إن إعلان اللواء علي محسن الأحمر عن تأييد ودعم الثورة سلميا وما لحقه من مواقف عدد من كبار القادة العسكريين المماثلة، قد احدث انشقاقاً استراتيجياً خطيراً داخل مؤسسة الجيش والأمن، احدث توازناً في القوى داخلها، وانهى واقع وحدة الجيش تحت قيادة علي عبدالله صالح الذي كان يمثل خطراً كبيراً على الثورة ومصيرها ومستقبلها ، فاذا كان الجيش في كل من تونس ومصر ظل مؤسسة وطنية محترمة ومنضبطة مما جعلها قادرة على اتخاذ موقف حازم ضد استخدامها ضد ثورتي شعبيهما ، بل وقوفها في الاخير مع شعبيها ، فان وضع المؤسسة العسكرية في اليمن مختلف تماما حيث كَرست السلطة الحاكمة كل جهودها لتأكيد السيطرة العائلية القبلية على مؤسسة الجيش مما سلبها امكانية وقدرة اتخاذ موقف وطني رافض لتوجيه سلاحه ضد ثورة شعبه، وكان من شأن مؤسسة كهذه ان تكون اداة طيعة بيد الحاكم ضد الشعب غيران الانشقاق الكبير داخلها الناتج عن إعلان اللواء علي محسن الأحمر وسائرالقادة العسكريين عن تأييدهم ودعمهم السلمي لثورة الشباب السلمية، قد شل اوعلى الاقل قيٌد قدرة السلطة على استخدام الجيش لقمع المظاهرات والاعتصامات وضربها وتصفيتها .. ب ـ ان ذلك الموقف قدم دفعة هائلة من المعنوية للثورة وشبابها الصامد وعززوقوى ثقتهم بانفسهم وبامكانية انتصار ثورتهم وحفز وشجع الكثيرين على الالتحاق بالثورة ومناصرتها، شعبيا وعسكريا وقبليا ، وصعد وتائرالثورة وقوة اندفاعها وضخامة حشودها المليونية .. ج ـ كما اضعف كثيراً من معنويات الوحدات العسكرية التي بقيت موالية لعلي عبدالله صالح وبث الشكوك في اوساطها حول القضية التي يقاتلون من اجلها ومدى مشروعيتها واخلاقيتها اذ يقاتلون ويضحون في سبيل اسرة فاسدة متخلفة اجرامية ، زرعت الفتن والمنازعات والاضطرابات والفوضى والتخلف في انحاء البلاد وارجائها الواسعة.. ولا اعتقد شخصيا ان هناك مكان او مكانة للشكوك والهواجس والمخاوف والظنون او بعبارة اخرى نظرية المؤامرة حول النوايا والدوافع الحقيقية لموقف القادة والوحدات العسكرية التي ايدت الثورة واعلنت حماسها لها سلميا.. فحسب اعتقادي وفهمي لطبيعة وسيكلوجية السلطات القمعية المستبدة الفاسدة ، إن مثل هذه السلطات يمكن ان تلعب وتعبث وتناوروتتكتك حول كل شيئ إلا داخل مؤسسة الجيش والأمن ووحداتها وتشكيلاتها القتالية ، وذلك للخطورة البالغة والحساسية المفرطة لأي عبث او لعب او مناورة او تكتيك داخل تلك المؤسسة وتشكيلاتها القتالية، هذا على الصعيد العام، اما على الصعيد الخاص والآني فان ممارسة اي عبث او لعب فيها في ظرف بالغ الخطورة والدقة يشهد ثورة شعبية عارمة وثابتة الخطى وراسخة الارادة كفيل بحرق وتدمير السلطة الحاكمة التي قد تمارس مثل ذلك اللعب والعبث.. وفي ضوء هذه الرؤية فلا نظرية مؤامرة تكمن وراء موقف القادة والوحدات العسكرية التي ايدت الثورة وساندتها ابداً، من وجهة نظري..واذا كان هناك ثمة مخاوف وهواجس منهم فانه ينحصر، اساسا، في الاختلاف والتباين المحتمل حدوثه بين رؤية شباب الثورة الواعي والمتدفق حماسا واندفاعا والمفعم بالآمال والتطلعات الواسعة والعظيمة وبدون حدود، وبين اولئك القادة الذين يملكون تطلعات وطموحات متواضعة ورؤى واقعية وعملية، اي بعبارة اخرى بين شباب ثائر لا حدود لطموحه وتطلعه وثقته ويقينه العميق بقدرته على صنع المعجزات ، وقادة عسكريين واقعيين ومحدودي الطموح والتطلع والمتواضعين في تقديرحجم ومدى قدرتهم وامكانياتهم الممكنة لتحقيق التطلع والطموح، وذلك شئ طبيعي ووارد تماماً ولا قلق حوله، فالقادة العسكريين بحكم طبيعة نشأتهم وتربيتهم العسكرية ذات الانضباط الصارم والطاعة المطلقة لمن هم أعلى مرتبة والتنفيذ دون نقاش ، في حين ان الشباب الثائر الذي شكل وكون ونمى عقليته وتفكيره ورؤاه من خلال وباستخدام الفضاءات الكونية المفتوحة التي اتاحتها وسائل الاتصالات الحديثة المذهلة كالانترنت ووسائل التواصل والتفاعل الاجتماعي جعلت ثقافته ومعارفه وعلومه تأتي من روافد وقنوات عالمية انسانية متجاوزة لكافة الحواجز والحدود الجغرافية والسياسية والثقافية والاثنية والوطنية والقومية ، بحيث بات في مقدورنا ان نصف الشباب الثائر، سواء أكان في اليمن ام في سائر البلدان العربية، بانه إنساني النزعة كوني الثقافة عالمي الرؤية امتدت همومة واهتماماته لتشمل الكرة الارضية باسرها .. وهنا ، وعند هذه النقطة ينبغي على طرفي المعادلة القائمة اليوم في واقع الثورة الشعبية العارمة اقصد الشباب الثائر والقادة العسكريين الداعمين والمؤيدين للثورة ،ان يعي ويفهم ويدرك كل منهما الآخر ويستوعب كل منهما طبيعة الآخر وطموحاته وافاقه وتفكيره بشكل دقيق وعميق ، باعتبار ذلك يمثل المدخل الطبيعي لايجاد صيغة او منهج تعامل ايجابي لبناء جسور الحوار والفهم والتفاهم بينهما، والاتفاق على برامج او خطط او حتى خطوات تمثل القاسم المشترك في كل مرحلة من مراحل تطور مسيرة الثورة وعند انتصارها وبعد انتصارها في عملية بناء النموذج البديل لاعادة بناء الحياة والفرد والمجتمع والدولة انطلاقا نحو المستقبل المشرق الحديث والنهضوي المزدهر ، اي بعبارة اخرى إعتماد منهج واقعي يقوم على التدرجية دون كبح للتطلعات والطموحات العظيمة واللامحدودة للشباب الثائر، وبدون تخوين اوإقصاء للقادة العسكريين اوكيل الاتهامات لهم بالجمود والمحافظة والتخلف ، ذلك ان حواراً نشطاً وحيوياً ومتدفقاً بين هذين الطرفين الاساسيين جدير وكفيل بتنمية وتطوير وعقلنة افكار ورؤى واهداف وطموحات الطرفين على نحو دائم مستمر ومتواصل ، والواقع ان مسئولية تحقيق هذا الاسلوب والمنهج يقع على عاتقهما كلاهما معا، وفي كل الاحوال وبعد انتصار الثورة وبناء مشروعها الحضاري المتمثل بالدولة الحديثة المدنية الديمقراطية المتطورة دولة القانون والمواطنة المتساوية والمشاركة الوطنية الشاملة والفعالة ، فان الجيش الوطني الذي سيعاد بنائه وتشكيله على اسس وطنية حديثة ومتطورة بعيداً عن الشللية والعائلية والمناطقية والطائفية …الخ، سيعود الى مواقعه وثكناته الطبيعية كمدافع عن سيادة وحرية واستقلال البلاد ضد الأطماع والاعتداءات الخارجية، وسوف يظل بعيداً تماماً عن الاشتغال بالامورالسياسية ونظام الحُكم او الانزلاق الى معترك التنافسات او الصراعات السياسية الداخلية التي هي من شأن الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات المدنية، وليس من اختصاص الجيش او القوات المسلحة.. 3) القوى القبلية ومشائخها: لعل من اهم وابرز مكاسب الثورة الشعبية العارمة والهادرة بقيادة الشباب الثائر والواعي ، انها نجحت نجاحا ملموسا في استمالة وكسب القبائل اليمنية، ومشائخها الوطنيين ، والزج بها واشراكها العملي الفعال في ساحات الثورة الشعبية وميادينها وانشطتها وفعالياتها الحيوية في عموم البلاد من اقصاها الى اقصاها ، وذلك لاول مرة ، تقريبا ، في التاريخ اليمني كله،وهذا مكسبا وانجاز يسجل للثورة ومسيرتها الظافرة المتصاعدة ، كما ان القبائل برجالاتها ورموزها ومشائخها الوطنيين ، اثبتت اثباتا عمليا ميدانيا ملموسا انها كسائر فئات وشرائح ومكونات المجتمع اليمني، تمتلك حسا وطنيا رفيعا ، وبرهنت بمواقفها الرائعة على انها لا تقل رغبة وتطلعا وسعيا وحماسا للتغييرالشامل والايجابي عن سائر فئات وشرائح ومكونات مجتمعها ،وجسدت نموذجا مسلكيا رائعا ومذهلا وغير متوقع حين انخرطت في مسيرة الثورة وميادينها وساحاتها اعتصاما وتظاهرا متخلية عن السلاح وحمله تاركة إياه في مساكنها مؤكدة ايمانها ومطالبتها بالتغيير والتطوير والتحديث واقامة الدولة اليمنية الحديثة والمدنية والديمقراطية المتطورة ورفضها الحاسم للفساد والفوضى واحتكار الدولة والحكم والاستئثار بها من قبل عائلة او قبيلة او فئة بعينها، ومصممة على ضمان حياة ومستقبل افضل واسعد لابنائها واجيالها الصاعدة والمتعاقبة من خلال العلم والتعلم والتطور ومواكبة النهضة والتقدم المذهل والمتسارع في العالم من حولنا، والواقع ان الموقف الوطني البارز للقبائل اليمنية ومشاركتها الفعالة في مسيرة وفعاليات الثورة الشعبية السلمية العظيمة، وقد اذهل الداخل الوطني والمحيط الاقليمي والدولي حولنا،واكدت بالمواقف العملية الملموسة ، على حقيقة ان ولائها وانتماءها هو للوطن والشعب اليمني ، وذلك من خلال تضامنها ومساندتها وحمايتها لسلامة وامن اخوانها في ساحات الثورة من الجنوب الى اقصى الشمال ومن الشرق الى الغرب ، واسهمت بذلك في تعزيز وتقوية وترسيخ اللحمة والوحدة الوطنية اليمنية في ارقى وأكمل صورها المشرقة ، واسقطت والى الأبد المقولة اوالانطباع او الرأي المغلوط الذي كان سائداً والقائل بان القبائل اليمنية قوة معادية للتقدم والتطور والديمقراطية وقوة متخلفة ومضادة للدولة المدنية والديمقراطية الحديثة، مثبتة انها على العكس من ذلك تماما وانها اكثر فئات وشرائح ومكونات المجتمع تلهفاً وحماساً لاقامة الدولة المدنية التي تقيم العدل والمساواة وتصون الحقوق والأرواح والممتلكات وتنشرالامن والامان والاستقرار في ربوع البلاد وارجائها المترامية .. وفي ضوء ما سبق فان مسئولية كبيرة باتت ملقاة على كاهل شباب الثورة تحثه على دراسة وفهم القبيلة ككيان اجتماعي وتحليل واستيعاب منظومات اعرافها وتقاليدها وأليات عملها وعلاقاتها، وذلك بهدف واستثماروتوظيف القوى الهائلة للقبيلة ضمن مسيرة الثورة وبناء نموذج الحياة والمستقبل المشرق التي يسعى الى اقامته بديلا عن السلطة الحاكمة الفاسدة المتخلفة ، وخلق الوسائل والأليات والخطط الناجحة لتطوير حياة القبائل ومعيشتها ونشرالتعليم والصحة والمشاريع الخدمية المتعددة في مناطقها وبين ابنائها على نحومخطط وممنهج ومتواصل.. ولا ارى في الأفق اية مخاطر او توجسات او شكوك حول امكانية استغلال قوى القبائل اليمنية لضرب الثورة او التأثير السلبي على مسيرتها المتصاعدة وانتصارها الحاسم والنهائي قريبا.. 4) السعودية ومخاوف الشباب من دورها في ضرب الثورة او اجهاضها: ان موقف المملكة العربية السعودية من الثورة الشعبية العارمة والسلمية في اليمن ودورها ازاء احداثها المتصاعدة والمتزايدة ، حجماً ونطاقا ، والشعور المتنامي والمتزايد ، في اوساط شباب الثورة وقواها الفاعلة بالتخوف والشكوك من الاثار السلبية والمخاطر الجمة والمحتملة لذلك الموقف والدور السعودي الذي بدأ وكأنه يرمي بكل ثقله لدعم ومساندة سلطة الرئيس علي عبدالله صالح والمحافظةعليها من ناحية ، والالتفاف على الثورة واجهاض هدفها الرئيسي المتمثل باسقاط تلك السلطة نهائياً وبالكامل من ناحية اخرى.. والواقع ان هذه المسألة تعتبرأهم تحد حقيقي وجاد يواجه الثورة وقيادتها الشابة، وذلك لان السعودية كما هومعلوم لدى الجميع تمتلك نفوذاً وتأثيراً كبيرين في اليمن ، منذعقود طويلة من الزمن الماضي ولايزال، وذلك ما يجعلها قادرة بما تملكه من علاقات ممتدة وعميقة بقوى وفعاليات محلية قبلية وعسكرية وسياسية، واسعة ونافذة ومؤثرة ، على التدخل والتأثير المباشر والحاسم الى حد كبير في مسار الأحداث ونتائجها ، ويوفر هذا الوضع الفريد للسعودية في الداخل اليمني مكانة ممتازة ومتميزة لا تتمتع بها اية قوة اخرى اقليمية ودولية، وهي مكانة فريدة وملموسة دفعت القوى الدولية الكبرى النافذة ، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ، الى الاقرار والاعتراف بها في الفترة القليلة الماضية تحديدا ، ولقد ادى هذا الاقرار والاعتراف الى صدور تصريحات لكبار مسئولي الادارة الأمريكية والكونجرس ، تلاهم تصريحات مماثلة او متقاربة صادرة عن زعماء او مسئولين في دول الاتحاد الاوروبي، وخاصة عقب سلسلة من العمليات او المحاولات الارهابية المنطلقة من اليمن والمستهدفة لأمريكا او الدول اوروبية، مثل الارهابي النيجيري عبد المطلب والطرود المفخخة المرسلة من اليمن الى امريكا واوروبا، وكان فحوى كل تلك التصريحات الرسمية ان أمريكا تحديداً توصلت ، اخيرا، الى قناعة بأن السعودية اثبتت بانها الاكثر معرفة وادراكاً واستيعاباً لاوضاع اليمن ومشاكله الداخلية واكثر نفوذاً وتأثيرا فيه، وكل ذلك يجعلها الأكفاء والاقدر والانجح في التعامل مع الشأن اليمني ومعالجة مشاكله ووضع الحلول الناجعة لها، واشارت مضامين ودلالات تلك التصريحات بصفة عامة بأن الملف اليمني قد تم تسليمه الى السعودية للتعامل معه وادارة دفته بالكامل، وكان مؤدى هذا التطور الهام والخطير ان اي تعامل اوتعاطي مع الشأن اليمني من قبل اي من تلك القوى الدولية النافذة ينبغي ان يمر عبرالسعودية وبالتنسيق والتفاهم المسبق معها ولا شك ان هذا التطور البالغ الخطورة ، جاء بعد اعادة تقويم وتأسيس للعلاقات الاستراتيجية بين امريكا والسعودية بعد انتكاستها الخطيرة بفعل آثار وتداعيات احداث 11سبتنمبر2001م الارهابية.. وتكمن اهمية وخطورة هذا التطور السياسي حين العلم بان السياسة الأمريكية كانت تقوم ، على مدى الثلاثة عقود الماضية من الزمن ، على إعداد اليمن وتهيئته وتأهيله وتقويته ليصبح قاعدة انطلاق عدائية ضد السعودية في سياق الاستراتيجية الأمريكية وحساباتها المختلفة! ولهذا ينبغي للشباب الثائر الذي فجر ويقود اعظم ثورة شعبية سلمية في تاريخ اليمن ، ان يعي تلك الحقيقة آنفة الذكر ويدركها ويستوعبها بأعلى درجات المسئولية والثقة، ويضع في اعتباره بان السعودية باتت القوة الاقليمية صاحبة النفوذ والتأثير والقرار فيما يتعلق بالشئون الداخلية اليمنية وأن اي تعامل او تعاطي مع الشأن اليمني من قبل القوة الدولية النافذة ، أمريكا وأوروبا ينبغي ان يمرعبرالسعودية وبالتنسيق والتفاهم معها وليس بالتجاوز لها ومن خلف ظهرها! وهذا لا يعني بأي حال من الاحوال بان تلك القوى الدولية النافذة ستوقف اتصالها وتعاملاتها مع اليمن او تجمد دورها وانشطتها في اليمن، وكل ما في الأمر ان اي موقف او قرار او إجراء تريد اتخاذه بالنسبة لليمن سيمراولا عبر التشارو والتفاهم والتنسيق مع السعودية ! وكانت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن اول ترجمة وتنفيذ عملي لذلك الموقف الجديد واول تفعيل له ، وهو موقف يفرض على شباب الثورة ضرورة ادراكه واستيعابه ومعرفة ابعادة ونتائجه ومقتضياته كمدخل لحسن التعاطي والتعامل مع مقتضياته ومعطياته لصالح ثورتهم واهدافها السامية ، وذلك يضعهم مباشرة امام سؤال مهم وحيوي حول ماذا تريد السعودية من اليمن وماهو حقيقة رؤيتها وموقفها من سلطة علي عبدالله صالح الحاكمة من جهة ورؤيتها وموقفها من الثورة ومطالبها واهدافها المعلنة ؟؟!! ثم وعلى ضوء الاجابة الدقيقة لهذا السؤال ، يجب عليه – شباب الثورة – تكوين رؤية واضحة ودقيقة ومسئولة تحدد اسس واساليب واهداف حواره وتعامله السياسي الناضج مع السعودية والكيفية التي يقدم فيها نفسه للسعودية، ويوضح لها دوافع ثورته ومقاصدها واهدافها على نحو يطمئن السعودية ويزيل هواجسها وشكوكها ومخاوفها من الثورة ونتائجها ، ويسعى الى اقامة فهم وتفاهم مشترك بينهما على نحو يخدم ويحقق اهداف ومصالح كل منهما وكإسهام متواضع وسريع واولى نقدمه على طريق الاجابة عن السؤال آنف الذكر المتعلق بماذا تريد السعودية من اليمن ورؤيتها وموقفها من السلطة الحاكمة والثورة الشعبية العارمة والهادرة اقول: 1) ان السعودية ، وكأي نظام حكم ملكي في العالم، ينظر الى الثورة ، اي ثورة ، باعتبارها فعل تغييري انقلابي شامل ، سواء من خلال اسلوب العنف الدموي المسلح او بقوة الشعب الثائر وجموعه السلمية الهادرة، وعلى انه امر شاذ وغريب ومستهجن ، وبالتالي فهي تعتبر منطق الثورة امراً مرفوضاً وخطيراً وغير شرعي ويثيرهواجسها وشكوكها ومخاوفها وقلقها البالغ، وهذا الموقف من الثورة امر طبيعي وينسجم مع طبيعة وفلسفة وأليات عمل اي نظام ملكي حاكم ، انطلاقا من حقيقة كون السلطة العليا الحاكمة منحصرة في سلالة اسرة ملكية متوارثة هي محل اتفاق وقبول ورضى عام من المجتمع، وبالتالي فان السلطة العليا الحاكمة محسومة وليست محل تنافس او تنازع كما هو الحال في النظم الجمهورية او العسكرية غير الملكية، ولهذا تعتبرالثورات من حيث هئ فعل عنيف لاسقاط وتغييرالسلطة العليا الحاكمة ، عمل غير مشروع دستوريا وقانونيا في منطق وعرف النظم السياسية الملكية الحاكمة ، وتتحاشى التعامل مع الثورة او الاعتراف بمشروعيتها بكل السبل والوسائل ، إلا في حالة انتصار الثورة وتحولها الى دولة فقد تجد النظم الملكية نفسها مضطرة ، بحكم طبيعة العلاقات الرسمية بين الدول الى التعامل والاعتراف بدولة الثورة وليس بحدث الثورة في حد ذاته . 2) ان النظم الملكية عامة ينتابها شعورعميق بالقلق والخوف بل واحيانا بالفزع والرعب من تفجيرالثورات، وخاصة اذا تفجرت بالقرب منها اوعلى حدودها، وما تفرزه من نتائج واثار ومفاعيل وانعكاسات قد تمتد وتنتشرداخل بلدانها ومجتمعاتها وتشكل محرضات او محفزات لها للقيام بنفس فعل الثورة واحداثها، ولهذا نجد بعض النظم الملكية ، ان توفرت لديها القدرة والامكانية، تعمل بكل السبل والوسائل والاساليب لاجهاض الثورات وضربها ووأدها في مهدها في بلدان جوارها الاقليمي او بلدان على حدودها الجغرافية الاقرب، لتفادي اية احتمالات انعكاس مؤثراتها واثارها ونتائجها على أمن واستقرار وسلامة نظمها الملكية.. ولهذا فان السعودية على سبيل المثال اكتفت بدورالمراقب المدهوش والسلبي إزاء أحداث الثورة التونسية دون اتخاذ اي موقف عملي وايجابي ضدها ، ربما لعامل المفاجأة في ثورة تونس كونها اول الثورات العربية الشعبية، واتخذت موقفا غير معلن ومن وراء الستار وعلى استحياء في محاولة لنجدة وانقاذ النظام الحاكم الذي اطاحت به ثورة الشعب المصري، ربما كان هذين الموقفين السلبيين للسعودية إزاء أحداث ثورتي تونس ومصر ناتجين عن انعدام او في احسن الافتراضات ضعف القوى والجماعات المحلية والموالية اوالصديقة للسعودية في كل من تونس ومصر، وعلى خلاف هذين الموقفين فالواضح ان الموقف السعودي من الثورة الشعبية الليبية ضد نظام القذافي كان مُحبذا لها وراضيا عنها ومساندا بشكل غيرمباشر لها من خلال الدفع بجامعة الدول العربية لاتخاذ اجراءات ضد نظام القذافي لاول مرة في تاريخ الجامعة العربية، ربما كان هذا راجعاً الى وجود خلفية كبيرة من الخلافات والصراعات والتنافرات بينها وبين نظام القذافي، ونفس الموقف تقريباً اتخذته مع بعض التمايزات والاختلافات في الاساليب تجاه الثورة في سوريا ربما لخلافات سابقة مع نظام الحكم في سوريا ، اما في البحرين فقد كان الموقف السعودي قويا وحاسما تمثل بالتدخل العسكري المباشر ، من خلال قوات درع الجزيرة وتحت رأية مجلس التعاون الخليجي وبناء على طلب من ملك البحرين للمساعدة في قمع وانهاء الاحتجاجات الشعبية هناك، وانقاذ نظام الحكم من السقوط الذي بدأ واردا.. 3) اما الموقف السعودي من احداث ووقائع الثورة الشعبية السلمية العارمة في اليمن ، فقد كان مزيجاً من الغموض والتعقيد وتعدد الاساليب والوسائل، ربما بسبب تعقيد وتداخل وتشابك الوضع اليمني ذاته، ويمكننا ان نلحظ ثلاثة مستويات او قل مراحل متداخلة لذلك الموقف : المستوى الاول في المرحلة الاولى: تميز بالقلق إزاء ما يجري في اليمن ورصد ومراقبة التطورات باهتمام وعن كثب ، في محاولة لتكوين صورة واضحة واستخلاص الرأي حول تقييم ما يجري واحتمالات مآلاته المتوقعة. المستوى الثاني في المرحلة الثانية: وفيه اتخذ الموقف السعودي خطوة عملية ايجابية تمثلت بتقديم الدعم والمساعدة المالية واللوجيستية للسلطة الحاكمة بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح وبشكل سري وغير معلن ، بالرغم مما سببه نظام علي صالح من اذى وضرربالغين للسعودية خلال العشرين السنة الاخيرة ، من خلال تصدير مشاكل تهريب المخدرات والاسلحة وتزوير العملة ثم تصديرالارهاب اليها على نحو ممنهج ودؤوب في عداء دفين وعميق للسعودية, المستوى الثالث في المرحلة الثالثة: ومع تصاعد وتائر الثورة الشعبية السلمية واتساع نطاقها الجغرافي حتى شمل كل البلاد تقريبا بدأ الموقف السعودي يتسم بالنشاط والحيوية والتدخل المباشروذلك فيما يبدو، بناء على تشاور وتفاهم مسبق مع الولايات المتحدة اساسا، ومن ثم الاتحاد الاوروبي، وفي ظل رؤية عامة مشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي ، وهو موقف تبلور في المبادرة الخليجية، ولعب دوررئيسي في تعديل نسختها الاولى بطلب من علي عبدالله صالح شخصيا،حيث جاءت المبادرة في صيغتها الاخيرة ، لضمان خروج مشرف وكريم ولائق له من السلطة وتمنحه هو والمئات العديدة من افراد اسرته واقاربه واركان نظامه ضمانات وتعهدات مضمونة اقليميا ودوليا بعدم المساءلة او الملاحقة او المحاسبة لاي جرائم او تجاوزات بجميع اشكالها، والى ذلك وضعاً مقرراً ومهيمناً في اعادة انتاج وتشكيل سلطته ونظامه الفاسد والمنهارالذي اوصل البلاد الى الهاوية والكارثة والفشل والدمار، و مورست كافة اشكال الضغوط والتأثير من قبل القوى الدولية والاقليمية على المعارضة السياسية المتمثلة باحزاب اللقاء المشترك للقبول بالمبادرة دون اي تعديل والتوقيع عليها كما هي، وفعلا وقعت عليها لكن علي عبدالله صالح ظل يتلاعب ويتهرب ويماطل ورفض التوقيع عليها الى ان حدثت حادتة مسجد دار الرئاسة التي ادت الى اصابته وكبار مسئولي الدولة المدنيين من رجال الصف القيادي الاول في الدولة وتوقف خطوات التوقيع والتنفيذ للمبادرة الخليجية التي انسحبت منها دولة قطر نهائيا وتحفظ دولة او اثنتين من دول الخليج عليها ! واعربت الثورة بملايينها المعتصمة والمتظاهرة في عموم البلاد عن رفضها وعدم قبولها بتلك المبادرة المذلة للشعب وثورته والهادفة الى اجهاض الثورة والالتفاف عليها ووأدها. 3) ولايزال موقف السعودية ورؤيتها ازاء الثورة الشعبية السلمية العارمة في اليمن ثابتا فيما يبدو، في عدم الاقرار اوالاعتراف بحقيقة ان ما يحدث في اليمن هو ثورة شعبية سلمية شاملة يشارك فيها ملايين عديدة من المواطنين في عموم اليمن شماله وجنوبه وباصرار وثبات وعزيمة لم تهن او تلين على مدى اربعة اشهر ونصف شهر منذ انطلاقها ، ولا يزال ذلك الموقف يصر ويصمم على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وضمان خروج مشرف للرئيس من السلطة ومنحه واسرته واقاربه واركان نظامه يقارب عددهم الاجمالي حوالي سبعمائة شخص كافة العهود والضمانات والتعهدات بعدم مساءلتهم او محاسبتهم او مقاضاتهم لاي سبب كان ولاي جرائم اقترفوها، ولاعطاء الرئيس وحزبه الاغلبية المرجحة لاعادة انتاج سلطة الفساد والفوضى التي اقاموها على مدى 33 عاما ! وذلك من خلال جراحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك على المشاركة في سلطة انتقالية لن تكون قادرة على إحداث تغيير حقيقي وايجابي وشامل في البلاد! ويبدو ان السعودية بوقوفها مثل هذا الموقف وتدخلها لفرضه وتنفيذه تسعى الى تأكيد عدة اهداف لعل اهمها: 1)التاكيد على ان اسلوب الثورة ، مهما بلغ حجمها وشعبيتها ، تظل اسلوبا فاشلا وغير قادر على النجاح والانتصار ، وان تجعل من تجربة اليمن في الثورة نموذجا يبرهن على فشل اسلوب الثورة وعدم نجاحها امام اي احتمالات بتفجر ثورات اخرى في بلدان عربية اخرى. 2) جعل التدخل السعودي والخليجي عموما ، في حالة نجاحه في الوصول الى اهدافه في اليمن ، نموذجا يُعاد تكراره في حالات ثورات عربية اخرى. 3) تئييس الشعوب العربية من تكرار تجربة الثورة واظهار فشلها في اليمن والحيلولة دون انتصارها.. 4) ابراز وتأكيد الدورالاقليمي –القومي- للسعودية باعتباره القائد للمنطقة في المرحلة القادمة.. 5) الامساك بزمام الاحداث في اليمن وتوجيهها والتحكم بمالاتها القادمة على نحو يؤدي الى اقامة نظام حكم موال للسعودية وغير معاد لها مستقبلا. وعلى ضوء ما سبق وبناء عليه فان على شباب الثورة ان لايصد نفسه او يوصد ابوابه او يغلق منافذ وقنوات وجسور الحوار الهادف والهادئ والطويل النفس مع السعودية ، بالنظر الى الاقرار بحقيقة ان السعودية طرفاً نافذاً ومؤثراً وصاحب قرار رئيسي فيما يتعلق بحاضر ومستقبل اليمن ، وان لايكل او يمل عن طرق ابواب الحوار والتفاهم الصريح والشفاف والصادق مع السعودية بكل السبل والوسائل والاشكال ليقدم نفسه للسعودية ويشرح ويبين من هو؟ وماذا يمثل؟ وما هي اهدافه وتطلعاته؟ واثبات انه لم ولن يكون مستهدفا السعودية بالعداء او بالسؤ وان هدفه اليمن اولا واخيرا ، وانه حريص على تأسيس واقامة وترسيخ اقوى واصدق علاقات الاخاء والصداقة والتعاون الشامل في مختلف المجالات مع السعودية لصالح البلدين والشعبين وبالمقابل يتمكن الشباب من فهم السعودية عن قرب واعادة النظر في الصورة المغلوطة التي قد تكون انطبعت في اذهان الكثيرين عن السعودية ودورها واهدافها في اليمن اي بعبارة اخرى ان يفهم كل طرف الطرف الاخر مباشرة وبقلب وعقل مفتوح وصريح. ويتبقى امامنا القضية المحورية المتعلقة بكيقية نجاح الشباب في حماية ثورته والدفاع عنها ومواصلة مسيرتها لتحقيق كامل اهدافها النبيلة المرسومة، وفي هذا الصدد ، ومن وجهة نظري ، اقترح الاسراع وعدم الابطاء في تشكيل ((المجلس الاعلى لقيادة الثورة وحمايتها))من كل ساحات الثورة والاعتصام في عموم الجمهورية بواقع ثلاثة او اكثرمن الممثلين لكل ساحة من الشباب الذين اظهروا صلابة ووعيا وصمودا وايمانا بالثورة وحتمية انتصارها ، بحيث يصبح هذا المجلس الأعلى الاطار السياسي او المرجعية السياسية التي تمثل الثورة الشبابية ويعبرعنها ، على ان يضمن المجلس اكثر وسائل الاتصال والتواصل المستمر فعالية ونجاحا مع جماهير الثورة في كل الساحات، لإبقاء الصلة قائمة ومفتوحة وحيوية دائما بين المجلس الاعلى وجماهير الثورة في كل مكان وعلى نحو يمكن المجلس من تعبئة وحشد الملايين في حالة اقتضت الضرورة والحاجة لحماية الثورة والدفاع عنها، ذلك ان الثورة ستتعرض للالتفاف والاحتواء والاجهاض والتخريب والمؤامرات الهادفة الى القضاء عليها ووأدها وهو ما يفرض على الشباب ذلك الاسلوب الفعال والدائم من الاتصال والتواصل بمختلف الوسائل الحديثة لربط المجلس الاعلى للثورة بجماهير الثورة، من اجل ضمان الانتصار الحاسم للثورة في بلوغ كامل اهدافها ومن الاهمية بمكان ان لا يقتصرالامر على مجرد تشكيل المجلس الاعلى من ممثلين لكل ساحات الثورة في عموم الجمهورية فحسب، بل يجب ان تشِكل كل ساحة من الساحات(( المجلس المحلي لقيادة الثورة وحمايتها)) يكون بمثابة حلقة الوصل والتواصل ، والتفاعل بين كل من (( المجلس الاعلى)) (( وجماهيرالثورة )) في مدن ومحافظات الجمهورية كلها، ويمكن النظر ، على ضوء افرازات التجربة بعد ذلك، في مدى الحاجة لتشكيل (( لجان عمل فرعية))على مستوى التقسيمات الادارية الادنى .. هذا والله وحده الموفق والهادي الى سواء السبيل . عبدالله سلام الحكيمي شفيلد-بريطانيا 13 يونيو2011 م