في ظلال الذكرى الـ 43 لرحيل عبدالناصر… كيف تبدو الناصرية؟ البديل نت

هلت علينا قبل ايام الذكرى ال43 لرحيل الزعيم الخالد عبدالناصر، وهي فترة من الزمن ليست بالقصيرة، حفلت بتطورات واحداث ومتغيرات وتقلبات كمية ونوعية هائلة وعاصفة القت بظلالها وتاثيراتها على كافة المجالات والصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والاستراتيجية والثقافية والفكرية والقيمية التي لم تقتصرعلى بلد التجرية التي قادها عبدالناصر- مصر- بل امتدت لتشمل الوطن العربي بمختلف بلدانه ودوله ونظمه، بل ولتعكس تاثيراتها ايضا على مستوى بلدان العالم الثالث،اضافة الى مُجمل النظام العالمي وقواه العظمى والعلاقات التي تضبط حركتها واستراتيجياتها وتنافساتها وتضارب مصالحها… الخ، وخاصة القوتين العظميين اللتين مثلتا قطبا النظام العالمي في فتره الحرب الباردة العالمية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية والتي انتهت على اعتاب تسعينيات القرن العشرين المنصرم بسقوط القوة العظمى او احد قطبي النظام العالمي ذاك والمتمثلة بالمعسكرالاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، واعتبار المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بأنه قد حسم الصراع الدولي وحقق انتصارا تاريخيا حاسما ونهائيا يؤهله ويحقق له الهيمنة والسيطرة الاحادية المطلقة على النظام      الدولي وحركته وعلاقاته ومصيره دون منازع. وفي ظل ذلك النظام العالمي القائم والمؤسس على القطبية العالمية الثنائية اي المعسكرين الدوليين الأعظم وظروف الحرب الباردة بينهما، وتحت انعكاسات وتاثيرات نكبة فلسطين 1948 التي انتهت باقتطاع الجزء الاكبرمن فلسطين واقامة الكيان الصهيوني على ترابه كوطن قومي لليهود على حساب طرد وتشريد الشعب الفلسطيني عن وطنه التاريخي، نشأ جمال عبدالناصر وتكونت مشاعره وعقليته وافكاره ورؤيته السياسة، ونَظُم واعَد وقادَ انقلاباً عسكرياً ناجحاً اسقط وانهى النظام الملكي القائم، واقام على انقاضه نظاما جمهوريا جديدا، وسرعان ما تمكن من تحويل الانقلاب العسكري الى ثورة تحرر وتغييروطني شامل ببعديها السياسي الشعبي والاجتماعي الاقتصادي المنحاز لجموع الفقراء من الفلاحين والعمال، وهي ثورة ظلت تناضل وتعمل على ترسيخ قيم ومبادئ التحرر الوطني للبلاد والحرية الشعبية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية من خلال مشروع نهضة وطنية شاملة في كافة مجالات الحياة وميادينها.. ولم يكن جمال عبدالناصر مسكونا بالاعتبارات والاهتمامات الشخصانية المهوسة بالنوازع الفردية نحو تكوين مَجْد او زعامة شخصية، بل استغرقته تماما قضية شعبه وامته من خلال رؤية ومشروع وطني وقومي محدد وواضح في معالمه واهدافه وتطلعاته لإحداث نهضة وطنية وقومية شاملة وعميقة تخرج بمصر والامة العربية من واقع الركود والتخلف والاستعمار والظلم وغياب الفعل الثوري للحاق بركب التقدم والتطور العلمي والتكنولوجي الصناعي الحضاري الهائل الذي تشهده شعوب وامم العالم من حوله، واذا كنا نسلم بصحة القول بان عبدالناصر لم يطرح فكرا او ايديولوجية فكرية تنظيرية شاملة ومُحكمة الصياغة ومتكاملة البنية الفلسفية على غرار الايديولوجيات الفكرية الكبرى المعروفة في الفكر الانساني، لكنه لم ينطلق من فراغ فكري او غياب تنظيري كلي، بل ان تجريته السياسية دلت وبرهنت انه كان صاحب رؤية ومشروع نظري واضح ومحدد لما يريده ويسعى الى تحقيقه، بدأت تجلياته الاولى في مضامين الاهداف الستة التي حددها للثورة ابتداء، مرورا بكتاب فلسفة الثورة وانتهاء بالميثاق الوطني ثم برنامج 30 مارس 1968م الأكثر بلورة وتاصيلا لرؤيته ومشروعه، ذلك ان عبد الناصر تحاشى الوقوع في دائرة ومتاهة تضييع وقته وجهده بحثا عن”النظرية” او ” الايديولوجيا” الفكرية الشاملة والكاملة، وادرك، بثاقب بصره وبصيرته القيادية، اهمية واولوية العمل المباشر لتغيير الواقع المعاش بأوضاعه وبُناه العتيقة المتخلفة على ممارسة الترف الفكري والتنظيرالايديولوجي المفارق للواقع، في عموميته، والمفضي في كثير من الحالات، الى نشؤ حالة من الانفصام والاغتراب بين النظرية والتطبيق، اذ تصبح النظرية قيداً كابحاً ومعوقاً للتطبيق ودروسه ومواعظه، ويصبح التطبيق مجرد مسخ تابع للنظرية منعدم المبادرة والخلق والابداع، ووعيا وادراكا لكل ذلك، اقام عبدالناصر تجربته السياسية الناجحة على قاعدة فلسفية خلاقة وايجابية ابتدعها وهي التلازم والمفاعلة النشطة بين النظرية، المتمثلة بالخطوط الفكرية النظرية العريضة ورؤاها البرنامجية العامة من جهة، والتجربة او التطبيق العملي الميداني من جهة اخرى، في علاقة جدلية تفاعلية خصبة ودائمة، بحيث تهدي النظرية التجربة العملية وترشدها وتحدد لها اطارعملها العام فتحول دون انحرافها عن طريقها واهدافها وغاياتها العامة، وتزود التجربة العملية، عبرما يتمخض التطبيق عنه من اساليب وحقائق ودروس جديدة وثابت وجاهتها وجدواها ونجاحها ميدانيا، وتثريها بافكار ومعالجات وحلول نظرية جديدة ومتجددة دائما، فلا تتعرض النظرية للتقوقع والجمود والتحنط وبالتالي البعد اكثر فاكثر عن حقائق الواقع ومقتضياته، ولا تحرم التجرية، في حال حركتها التطبيقية في الواقع من ملكة الخلق والابداع والتجدد الدائم التي تقتلها عادة إرهاب وسطوة وصرامة التقيد والالتزام الحرفي بنصوص النظرية او الايديولوجية، واضاف عبدالناصر الى قاعدة التلازم والترابط الجدلي التفاعلي بين النظرية والتطبيق، بقاعدة اخرى مكلمة وهي قاعدة ” التجرية والخطأ ” بمعنى ان التجرية التطبيقية في الواقع تظل،دائما، المحك والمعيار الموضوعي السليم للحُكم على صواب او خطأ اي فعل او إجراء، فليس عيبا ابدا الاعتراف بالخطأ بل العيب الاستمرار بالخطأ، ومن خلال قاعدة التجرية والخطأ تنمو التجرية وتتطور وترقى من خلال تصحيح اخطائها واكسابها خبرات ودروس مفيدة وعظيمة.وبذلك استطاع جمال عبدالناصر، خلال فترة زمنية قياسية لا تزيد عن 16 عام وقليل منذ استلامه قياده مصر رسميا، ان يبني ويشيد اعظم وانجح تجرية وطنية سياسية واجتماعية، ليس على مستوى الوطن العربي الكبير فحسب، بل على مستوى العالم الثالث على وجه العموم، وهي تجربة استطاعت ان تحدث تغييرا شاملا وعميقا في بُنى واوضاع وظروف الواقع والمجتمع المصري وتحقق نهضة صناعية زراعية وعلمية جوهرية وواسعة مؤسسة على قيم ومبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية والارتقاء بمستويات حياة الفئات والشرائح الاجتماعية الفقيرة والمحرومة التي تمثل الغالبية الكبيرة من المواطنين، وامتدت ناثيراتها وانجازاتها ومكاسبها لتشمل الوطن العربي والقارة الافريقية، اضافة الى قارتي اسيا وامريكا اللاتينية، من حيث ان مصراصبحت قوة اقليمية كبرى ومهمة وموثرة، ومن خلال دورها الخارجي البارز باعتبارها تمثل النموذج الاقوى كحركة تحرر وطني ثوري انساني لها مشروعها وقيمها ومبادئها وفلسفتها المحترمة والمشرقة، ساندت ودعمت وآزرت والهمت حركات التحرر الوطني في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية في كفاحها المشترك لتحرر شعوبها من السيطرة الاستعمارية وتحقيق سيادتها واستقلالها الوطني وتحقيق التقدم والتطور والتنمية الشاملة المستقلة لبلدانها على اسس العدالة الاجتماعية والتحررالسياسي. ان جمال عبدالناصر الذي نشأ وترعرع وبرز وسط وتحت اجواء وظروف عالم عصفت به حربان عالميتان مدمرتان، وتحكمت في اوضاعه ومساره وعلاقاته قوتان عالميتان عظميان في ظل حرب باردة تنافسية مريرة بينهما، لم يكن مجرد زعامة شخصيه عظيمة سادت وصالت وجالت ثم واراها النسيان واختفت، بل كان عنوانا لمرحلة تاريخية مصرية وعربية وعالمية وصَاحبْ تجربة سياسية واجتماعية عظيمة وناجحة ظلت تمثل نموذجا مشرقا يلهم ويغذي ويهدي تجارب ونضالات اجيال متعاقبة في الوطن العربي وبلدان افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية على مدى يتجاوز نصف قرن من الزمان ولا يزال هذا النموذج حيا ومتالقا ومتجددا حتى يومنا هذا بل يبدوا انه اليوم اكثر حضورا وحيوية واشراقا من ذي قبل. ولكن اين تقف “الناصرية العربية” باحزابها وتنظيماتها وجماعاتها المختلفة وماهو دورها ومستقبلها ازاء ذلك النموذج والتجربة العظيمة التي اسسها وبناها عبدالناصر بعبقرية ونجاح،كما اشرنا الى بعض من ملامحها ومعالمها وانجازاتها بشكل خاطف في السياق الآنف، والتي لا تزال تقف شامخة ومتجددة ومشرقة حتى اليوم ملهمة وهادية؟! وقبل الشروع في محاولة الاجابة عن هذا السوال المهم، نجد الزاما علينا هنا ان نشير الى حقائق اساسية اهمها:  1) ان زعامة عبدالناصر وشخصيته التاريخية الفذة وتجربتة السياسية العظيمة والناجحة،كان، وكانت معه، اكبر واعظم من ان يحتويها او يؤطرها حزب بعينه، او حتى مجموعة احزاب مجتمعة، ويمثلها تمثيلا حقيقيا كفؤا ومقتدرا، فلقد كان عبدالناصر زعيما وقائدا شعبيا وطنيا وقوميا واقليميا عابر للحدود السياسية والقارات، ومن الظلم والاجحاف حصره في اطار حزب سياسي مهما بلغ حجمه وانتشاره  الشعبي .                  2) ان عبدالناصر لم يكن زعامة شخصيه”كارزيمية” عبقرية وناجحه ومحبوبه يمكن ان يكون”معشوقا” لذاته وشخصه ويتغنى باوصافه وافعاله واقواله ويتحسرعلى ايامه وعهده وبطولاته، وإلا اصبح مجرد شخصية تاريخية فذه يمر عليه الناس للذكرى والاعجاب فحسب، بل كان تجربة سياسية واجتماعية تاريخية عظيمة وناجحة اسهمت،بفعالية، في التاثيرعلى مسار التاريخ في مرحلة دقيقة وبالغة الاهمية عربيا واقليميا بل والى حد ملموس عالميا،وكان منهجاً فكرياً للنضال الثوري التغييري نحو الافضل والقيادة الجماهرية الناجحة، والتجديد والتجدد الدائم والمتواصل الرافض،باطلاق، لكافة اشكال التقوقع والجمود الفكري والسياسي العقيم، والقائم على الحركة الطليقة والمتحررة من القيود والتحجر والطقوسية الرتيبة والمستجيبة للمتغيرات والاحداث والتطورات التي تفرزها حركة الواقع وتفاعلاته الخصبة ،وصدق الارتباط بعبدالناصر وادعاء تمثيله او التعبيرعنه لايكون إلا من خلال الارتباط بتجربته ومنهجه الفكري النضالي الرافض للجمود والتحجر والتحنيط المتحفي. 3) ان عبدالناصر، كتجربة ومنهج فكري نضالي ثوري قام وتاسس على الرفض المبدئي الحازم والثابت للأخذ بالصيغ والقوالب النظرية الجاهزة بدون فحص ودراسة ناقده وتقييم علمي موضوعي دقيق يستفيد مما فيه من ايجابيات مضيفا اليها من عصاراته وابداعاته الذاتية وواقعه المعاش وخصائصه الذاتية، ويدع السلبي وغير المفيد منها جانبا بعيدا عن عُقد النقص او نزعات التعالي الفارغة، ويرفض تماما تحويل الافكار الى طقوس يطوف الناس حولها بتعبد وخشوع والنظراليها كتابوهات يُحرم المساس بها او تطويرها وتجديدها او حتى تغييرها، وبالتالي فانه لا يُقرمطلقا ويحذر من الوقوع في شراك”عبادة الفرد” او العيش في دهاليز الماضي والتغني بامجاده وماثره والانصراف عن هموم الحاضروتطلعات المستقبل، وايضا الركون الى حالة الخمول والدعة بالدوران حول ماكان في الماضي وخلف صورالزعماء الموتى بدلا عن  النضال الجماهيري الشعبي السياسي الجاد وخوض التجارب الخاصة بالاجيال المتعاقبة وخلق وتكوين زعامات جديدة دائما تتوافق وتتلاءم مع المراحل التاريخية وظروفها وحقائقها الموضوعية المتغيرة والمتجددة.  وبناء على هذه الحقائق الاساسية وفي ضؤ الاستعراض السابق فاننا نستطيع القول بان “الناصرية العربية” بمختلف احزابها وتنظيماتها وتكتلاتها القائمة في البلدان العربية ومنذ غياب عبدالناصر قبل 43 عاما وبفعل متغيرات وتطورات مفاجئة شهدتها دولة التجرية الناصرية “مصر” إثر ذلك ، عاشت تشرداً وانقساماً وتمزقاً مستمراً ومتزايداً تعددت فيه الأطُروالمسميات والتشكيلات  المنتسبة الى “الناصرية” وساد علاقاتها ببعضها حالة الصراع والتنابذ وعدم القبول ببعضهم البعض، بل رمى بعضهم بعضا بمختلف الاتهامات بالخيانة والعمالة والارتداد… الخ. وظل كل واحد منهم يحتكر شرعية تمثيل الناصرية لنفسه فقط وينفيها عن الاخرين فازدادوا ضعفاً الى ضعفهم وفشلو جميعاً في الارتقاء الى مستوى المسئولية وما يمليه عليهم معنى وشرف انتمائهم الى الناصرية، تجرية ونضالا وفكرا وتاريخا، واخفقوا في  تحقيق مهمتين مُلحتين هما:                                                                    المهمة الاولى: وحدة الاطار او الادارة السياسية الواحدة المُعبرة عن الناصرية والحاملة لمشروعها القومي وتجربتها وفكرها ومنهجها ومكاسبها وانجازاتها والقادرة والموهلة للتعبيرعنها وتمثيلها ومواصلة مسيرتها النضالية الشاملة.   المهمة الثانية: تجميع كل تراث الناصرية وتجربتها الفكري والسياسي والمنهجي والتاريخي وفرزه والعكوف على دراسته وتقويمه وتحديد الثابت منه والمتحول،والاستراتيجي والتكتيكي، والشروع في بلورته واستكماله واخضاعه للتطوير والتجديد والتجدد الدائم في ضؤ ووفق مقتضيات التطورات والمتغيرات والتحولات التي يشهدها الواقع المعاش على الصعيد الوطني والقومي العربي والاقليمي والدولي وبما يحقق كفاءة الناصرية وقدرتها من الناحيتين الفكرية والنظرية والسياسية الحركية على التعامل معها ومواجهتها بكفاءة وفعالية واقتدار، وبالتالي البرهنة على صلاحيتها وتأهلها وقدرتها على قيادة حركة ونضال الشعوب العربية بافكار ووسائل اساليب جديدة ومتطورة وناجحة وعلى نحو يبرهن على بقاء الناصرية حية ومستمرة وفعالة في اطار العملية السياسية التاريخية العربية القومية.   وإزاء هذا الاخفاق والعجز والفشل في تحقيق هاتين المهمتين الرئيسيتين اللتين كان ينبغي القيام بهما فور رحيل الزعيم والقائد/جمال عبدالناصر فان الناصرية العربية وذاك حالها ازدادت ضعفا على ضعفها وتواصلَ مسلسل تشرذماتها وانشقاقاتها وصراعاتها البينية وتوارت داخل هامش الفعل السياسي الفاعل في المسيرة الوطنية لشعوبها وامتها العربية وتحولت الى مجرد يافطات وعناوين وبيانات لا تجد لها صدى في الواقع ،واحيانا يصدر احداها صحيفة اسبوعية لا تؤثر في الرأي العام في الغالب الأعم، واستعاضت عن واقع الضعف والغياب السياسي والشعبي باحياء بعض المناسبات الخاصة بعبدالناصرالشخص وتجربتة السياسية العظيمة، وراحت ترفع صورة الزعيم الراحل وتردد افكاره واقواله كطقوس مكررة وتبجيلية لتخفي خلفها واقع ضعفها وغيابها عن التاثيرفي الواقع وانعدام النضال الشعبي السياسي الفاعل والنشط، ولعل من اهم المفارقات المدهشة انه في الوقت الذي لازم الضعف والغياب احزاب وتنظيمات وجماعات الناصرية العربية وهامشيتها، إلا ان شخصية الزعيم عبدالناصرالاسطورية وتجربته السياسية وفكرها وانجازاتها ومكاسبها شهدت خلال السنوات القليلة الماضية حالة إحياء متجدد وإشراق وتآلق وحضورمتزايد في الاوساط الشعبية والشبابية منها على وجه الخصوص،بلغ ذروته ابان وعقب ما اطلق عليه ثورات الربيع العربي في مصر وعدد من الدول العربية مطلع العام 2011 ولا تزال كذلك في تصاعد مستمر! وهو ما يشهد ويبرهن على حقيقة اصالة وعظمة ثورة وتجربة عبدالناصر وعمق التحولات التي احدثتها انجازاتها ومكاسبها في مختلف مجالات الواقع في مصر والوطن العربي والمحيط الاقليمي من حوله.   ومع ذلك وبالرغم من حقيقة الواقع غيرالسار الذي تعشيه احزاب وتنظيمات وجماعات وحركات تنتمي الى الناصرية على اختلافاتها وتبايناتها، إلا انه، ومن قبيل الموضوعية والانصاف، يجب علينا عدم إغفال الاشارة الى بروز علامات ودلائل ايجابية ومبشرة على محاولات جادة وناجحة يقوم بها بعض الناصريين لتجاوز واقع الضعف والغياب وانعدام الفاعلية النضالية التي تعاني منه الناصرية منذ رحيل عبدالناصر، ومن الباعث للتفاؤل والأمل ان تاتي تلك المحاولات الايجابية والجادة من ارض مصر، حاضنة التجربة وبانيتها، وتتجه في خطين رئيسين متوازيين :   الخط الاول: يسعى الى محاولة معالجة وانهاء واقع الانقسام والتشرذم والتمزق بين احزاب وتنظيمات وحركات الناصرية المتعددة..   والخط الثاني: ابتكار اساليب واداوت نضالية جديدة وفعالة الى حد كبيرمن خلال تأسيس تكوينات وتشكيلات جديدة، بهدف التغلب وتجاوز واقع العجز والضعف والغياب السياسي العام،وذلك بتفعيل وتنشيط وتصعيد النضال السياسي وسط الجماهير وبها ولها من خلالها، في الارياف والمدن معا عبر انشاء عدد من المنظمات والشركات والجمعيات المختصة بمحو الامية وتقديم الخدمات العامة والنظافة والمجمعات الاستهلاكية التعاونية اضافة الى الجمعيات الخيرية، وبعضها يقوم على اساس استثماري مفيد مثل تجميع واعادة تدوير القمامة ومخلفات حصاد الارز والحبوب والتعاونيات الزراعية والاستهلاكية… الخ. وتلك من اهم اساليب وادوات العمل السياسي الفعال بين جماهير الشعب وتصعيد الوعي والنضال الشعبي وارتباط الجماهير بالاحزاب والتنظيمات السياسية، وهو ما شرع به وينفذه،في الاونة الاخيرة، التيارالشعبي المصري الذي اسسه ويقوده الشخصية الناصرية القيادية البارزة حمدين صباحي، ويمثل خطوة مهمة ونموذجية ناجحة على طريق تلافي وتجاوز حالة الضعف والغياب الناصري الذي طال امده عن ارتياد آفاق ومجالات النضال السياسي الواسع والمتعدد الاغراض والمجالات لكسب اوسع قاعدة شعبية ممكنة والتحرك بها ومن خلالها نحو تحقيق الاهداف والغايات التي قامت التحربة الناصرية وناضلت من اجل بلوغها والانتصار لها، ولعل التجربة الرائدة والنموذج الناجح الذي يقوده التيار الشعبي المصري يلهم ويدفع بالاحزاب والتنظيمات والحركات الناصرية في البلدان العربية الى تمثلها والاقتداء بها والاضافة اليها وتطويرها اذا هي ارادت فعلا الانتصار لمبادئ واهداف الثورة والتجربة الناصرية التي اسسها وقاد حركتها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في اطار نهجها الفكري النضالي الايجابي والمتميز والناجح، حينها فقط نخرج، ونخرج الثورة والتجربة معنا، من كهوف عبادة الماضي برموزه وتراثه وامجاده وايقاف حركة التاريخ، وننطلق محلقين في الافاق الرحبة للمستقبل اللامحدود امامنا، ونجعل من عظمة الثورة الأم في عهد مضى وانقضى، ثورة دائمة متجددة ترفد وتضيف الى انتصاراتها وامجادها السابقة انتصارات وامجاد لا تنقطع عطاءاتها وابداعاتها الخلاقة والمستجيبة لحركة التاريخ وتطوراته ومتغيراته وحقائقه التي لا تتوقف لحظة واحدة، ونظل سائرين ومتفاعلين مع منطق الحياة وقانونها الازلي دائم الحركة والاندفاع قُدماً الى الامام وصوب المستقبل الواعد دوما..وإلا لفظتنا الحياة الى زوايا هوامشها الميتة والمنسية.   تحية إجلال وإكبار للزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر في ذكرى رحيله وغيابه الحي والحاضربقوة وعظمة انجازاته.   عبدالله سلاٌم الحكيمي بريطانيا – شيفلد – 26/10/2013                        

موضوعات ذات صلة