سقوط حكم الإخوان في مصر صحيفة الوسط (الحلقة الأولى)

في مساء يوم الأربعاء الموافق للثالث من شهر يوليو الجاري، أعلن رسمياً على لسان الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية عن تعليق الدستور الساري والمختلف عليه بين أطراف ومكونات العملية السياسية وتنصيب رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً للبلاد، وذلك بموجب خارطة طريق للمستقبل تم التوافق عليها بين أطراف سياسية رئيسة ومؤثرة بدعوة من الجيش مثلت الأزهر الشريف من خلال شيخه الإمام الأكبر محمد الطيب، والكنيسة القبطية عبر رأسها غبطة البابا تواخروس الثاني، وقوى المعارضة السياسية ممثلة بأحزاب جبهة الإنقاذ الوطني وجبهة 30 يونيو يمثلها الدكتور محمد البرادعي والقوى الشبابية الثائرة ممثلة بثلاثة من قيادييها يعبّرون عن حركة تمرد وبعض قوى التيار الإسلامي المُعبر عن الاتجاه السلفي المؤثر. خارطة طريق أريد بها الحيلولة دون الدفع بمصر نحو الفتنة والفوضى والاقتتال ودوامة الحرب الأهلية، وقضت بالإضافة الى الخطوتين الرئيستين آنفتي الذكرتنقيح الدستوروادخال تعديلات على مواده واحكامه انهاء للاختلاف السياسي المحتدم حوله وطرحه على الاستفتاء الشعبي وتشكيل حكومة وحدة وطنية قوية وإجراء انتخابات شعبية رئاسية وبرلمانية، وذلك من خلال اجراء مصالحة وطنية كاملة وقانون انتخابات يحظى بالرضى والتوافق السياسي العام ،وغير ذلك من الخطوات والإجراءات. وامتنعت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها حزب الحرية والعدالة ورئيسها الدكتور محمد مرسي ورئيس الحكومة وبعض القوى والأحزاب الإسلامية الحليفة معها عن الحضور والمشاركة في تلك المساعي الوطنية الإنقاذية وإخراج البلاد من دوامة الأزمة الخطيرة التي عصفت بها وكادت تدفع بها إلى حافة الهاوية معتبرة كل تلك المساعي وما تمخض عنها من حلول ومعالجات عدوانا على الشرعية وانقلاباً عليها.                      . والحقيقة التي يجب أخذها بعين الاعتبار والموضوعية أن احداث عشية يوم الثالث من يوليو كان نتيجة طبيعية وحتمية لسلسلة طويلة من السياسات والخطوات الخاطئة والمدمرة التي ارتكبتها ووقعت فيها تجربة حُكم الاخوان القصيرة في إدارة شئون الدولة والمجتمع وفي أساليب التعامل ومواجهة المشكلات والأزمات العاصفة والمتفاقمة التي تعيشها البلاد في ظل ظرف ومرحلة انتقالية تاريخية حادة، وهي سياسات وإجراءات وخطوات استندت إلى وعي معرفي بالغ الضحالة، وإلى غياب شبه تام لرؤية شاملة وواضحة حول طبيعة المرحلة ومشكلاتها وأزماتها من ناحية وعدم توفر الخطط والبرامج لمواجهتها، ووضع المعالجات والحلول اللازمة وفق أولويات محددة من حيث أهميتها وحيويتها من جهة أخرى، وتكشف تجربة حُكم الإخوان لمصرعلى قصرها الزمني عن قصور فاضح وانعدام تراكم الخبرات والتجارب والمهارات اللازمة بإدارة دفة الحُكم والسياسة في مختلف المجالات والميادين دلت عليه وشهدت به حالات الإرباك والتناقض والتخبط والعشوائية والارتجالية في القرارات والسياسات والمواقف المختلفة وسط حالات من المكابرة والعناد واستفحال عقدة الشك والارتياب بالآخرين والنظر إليهم كأعداء وأشرار يتربصون بهم الدوائر، ودفعهم كإجراء وقائي حمائي إلى التخندق خلف جدران التقوقع والعزلة العملية والنفسية حالت بينهم وبين التفاعل والتعاطي الايجابي والخلاق مع كافة وجهات النظر والآراء النقدية والمُحذرة لكل ما يترتب على تلك السياسات والخطوات والمواقف من نتائج وآثارسلبية ومدمرة على حاضر البلاد ومستقبلها، ولم تقتصرتلك العزلة والنأي بالنفس عن الآخرين من خارج دوائر وفعاليات الحُكم على الدولة فحسب، بل امتد ليشمل تعطيل أو تهميش او إهمال دوائر ومؤسسات وأجهزة الحكومة، وتجاهل الأخذ برؤاها ومقترحاتها ومشوراتها المتخصصة التي تمليها عليها مسئولياتها ومواقعها في الدولة والحُكم، بدا الأمر في الكثير من الاحيان وكأن هناك إدارة غيرمرئية هي التي تدير وتوجه شئون الدولة والحُكم الذي تحولت اجهزته ومؤسساته في الغالب الى ما يشبه الواجهات الصورية الشكلية منزوعة السلطة والمسؤولية واتخاذ القرار، كل ذلك وغيره كثير تجمّع وتضافر في الأخير ليبرهن ويؤكد تأكيدًا قاطعًا بأن تجربة حُكم الاخوان لمصر خلال عام واحد من عمرها وصلت الى درجة مريعة من العجز والفشل التام، وأن تركها لتستمر في ادارة الدولة من شأنه ان يدخل البلاد والمجتمع في اتون كارثة وطنية محققة ومدمرة. وللأسف الشديد فإن القيادة العليا لجماعة الاخوان المسلمين، وهي صاحبة المسئولية الفعلية والقرارالاول والأخير هي من تتحمل القدرالأعظم من المسئولية في ايصال تجربة حُكم الاخوان لمصر الى درجة الاخفاق والفشل التام، ومصرهي اكبر دولة عربية وأهم قوة اقليمية على الصعيد القومي العربي والعالم الاسلامي الكبير والمسئولية التي تتحملها قيادة الجماعة العليا تعود لجملة من الاسباب والحقائق، أهمها وأبرزها: أولاً: ان مشكلة القيادة العليا للجماعة كانت مفتقرة الى وعي سياسي عميق يؤهلها لصياغة رؤية سياسية تشخيصية شاملة ودقيقة للواقع السياسي الجديد الذي عاشته مصر الذي نشأ بفعل انفجار الثورة الشعبية السلمية العارمة في 25 يناير 2011م كأعظم ثورة من نوعها في تأريخ مصر الحديث والمعاصر ومعرفة الأسباب والبواعث والعوامل التي فجرتها وحركتها، وطبيعة القوى الاجتماعية والسياسية والثورية التي حركتها وصنعتها، والأهداف والغايات المبتغى تحقيقها من ورائها بشكل موضوعي وأمين، وإن الجماعة لم تكن هي الداعية والصانعة للثورة منذ مرحلة التهيئة والإعداد والانطلاقة الاولى، وإن كانت قد واكبتها والتحقت بها لاحقا وأصبحت قوة من قواها المتعددة، ونتج عن ذلك الافتقارالى الوعي والخبرة السياسية العميقة، وما ترتب عليه من ضعف وهزالة صياغة رؤية سياسية تشخيصية شاملة ودقيقة لطبيعة المرحلة التاريخية وحدث الثورة وأسبابها وبواعثها وقواها وأهدافها، إن قيادة الجماعة العليا أخطأت في النظرالى حدث الثورة الشعبية العارمة باعتباره حدثاً سياسيا واجتماعيا واقتصادياً على انه وبغض النظرعن حجم جموعه وحشوده الجماهيرية الهائلة كأي حدث من الاحداث التي تتعرض لها سائرالشعوب والمجتمعات تأخذ مداها ثم لا تلبث ان يخبو اوارها وتنحسرموجاتها ويضعف اندفاعها وتتوارى في زوايا ودهاليز التاريخ، ولم تمتلك من نفاذ البصيرة ما يجعلها تدرك بأن الثورة تختلف تماما عن تلك الاحداث العابرة في حياة الشعوب، وأنها عبارة عن بركان هائل تفجر بفعل تراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية وقيمية ظلت تعتمل وتتفاعل فوق السطح وتحت السطح لعقود طويلة من الزمن ضاغطة ورافعة لتوتر وحرارة البركان الى ان تفجر هادرًا وراميًا بحممه وكتله الملتهبة الى كل الجهات ليدمر ويفتت ويجتث مقومات وأسس وهياكل وأوضاع نظام سائد ومنهار صارعقبة وعائقًا امام التطور والتقدم، وبات لزامًا اقامة البديل التاريخي الافضل المتمثل بنظام جديد مختلف تمامًا عن سابقه في اهدافه وغاياته والقوى الاجتماعية والسياسية الحديثة التي يجب ان يُعبرعنها ويمثلها ويحقق مطالبها ومصالحها، من هذا الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه قيادة الجماعة في تشخيص وتوصيف حدث الثورة وأبعاده ومكانته من حركة التاريخ جعلها تحدد اسلوب تعاملها وتعاطيها معه ومفاعيله على نحو تكتيكي آني يقفزعليه ويحاول احتواءه وتجييرنتائجه وآثارها واستثمارها بما يحقق اهداف وحسابات ومصالح الجماعة وحدها، وذلك عبر فتح شبكة من قنوات الاتصالات المتعددة والمختلفة وإدارة حوارات وتفاهمات وصفقات سياسية انفرادية وسرية مع رموز وقيادات نظام مبارك كالمخابرات العامة ومباحث امن الدولة ثم اللواء عمر سليمان نائب الرئيس او الفريق احمد شفيق رئيس الوزراء، وبعد ذلك مع المجلس العسكري الحاكم انتقاليًّا وغيرذلك من القنوات، مع الحرص على إبقاء علاقاتها وتعاونها او تنسيقها التحالفي مع سائر قوى الثورة  ومكوناتها احزابًا سياسية او ائتلافات شبابية ثورية باعتبارالجماعة واحدة منها وجزءًا لا يتجزأ من حركتها .  ثانيا:ان قيادة الجماعة من خلال اللعبة التكتيكية المزدوجة التي اتبعتها وأدارتها مع رموز وقيادات وقوى النظام الآيل للسقوط من ناحية وقوى الثورة من احزاب و شباب من ناحية اخرى مع استمرار وتكثيف الخطاب الاعلامي الجماهيري التعبوي للرأي العام استطاعت بحكم انتشارها الحزبي التنظيمي في الكثير من محافظات البلاد وانضباط حركتها التنظيمية وصرامتها وامتلاكها لقدرات مالية كبيرة وبحكم انشغال باقي الاحزاب والتكتلات الشبابية وانهماكها الابرز في معمعان الثورة وأنشطتها ومهامها، أقول نجحت الجماعة في ايصال رسائل تطمينية لرموز وقوى النظام السابق من ناحية وفي تكراروتأكيد الالتزامات والعهود والوعود التي قطعتها لقوى وفاعليات الثورة ومكوناتها بقاعدة الشراكة الوطنية الكاملة بينها جميعا وخلق الانطباع – وتعزيز الثقة لدى قوى الثورة ومكوناتها –  بأن الجماعة لا تفكر ولا تنوي وليس من خططها التفرد بالحُكم او الاستحواذ على الدولة ومؤسساتها ووظائفها، وأنها ملتزمة بصرامة بحدود معينة لن تتجاوزها، بما في ذلك تعهداتها بعدم ترشيح ممثل عنها في انتخابات الرئاسة وترك مجال معقول ومناسب لسائر قوى الثورة ومكوناتها في مجلسي البرلمان وسائرالمواقع القيادية في الدولة الى آخر مثل العهود والوعود التي سرعان ما تنصلت عنها الجماعة ونكثتها وضربت بها عرض الحائط فدفعت بمرشحين اثنين من قيادييها للانتخابات. الرئاسية واستحوذت هي وحلفاؤها من القوى والتيارات الاسلامية على حوالى ثمانين في المائة من قوام مجلسي النواب والشورى واندفعت بجموح اهوج وعبرالعبث والتلاعب بالصيغ الدستورية سواء اعلانات دستورية او صياغة الدستور او قوانين الانتخابات وغيرها لإخضاع هيئات السلطة القضائية والمؤسسات الاعلامية المختلفة حكومية وأهلية لمشيئتها وإرادتها وتمرير مشاريعها المُعدة لإحكام سيطرتها على مختلف سلطات ومؤسسات وأجهزة الدولة بدون استثناء وعبر ممارسات وأساليب لا تمارسها إلا جماعات وعصابات البلطجة مثل محاصرة المحكمة الدستورية العليا لبسط السيطرة على النيابة العامة ومحاصرة وإرهاب الوسائل الاعلامية الاهلية قنوات فضائية وصحف، وإصداراعلانات دستورية وأحكام دستورية لمنح رئيس الجمهورية سلطات وصلاحيات استثنائية وتحصين قراراته من أي شكل من اشكال النقد اوالنقص القضائي.. الخ، على نحو اثار قدرًا واسعاً من قلق وفزع القوى السياسية وقوى الثورة وقطاعات واسعة من الرأي العام الذين احسوا احساساً عميقا بالخطر الداهم الذي يتهدد طبيعة الدولة ووظيفة الحُكم في مصر الدولة الأكثر عراقة في التاريخ الانساني. ثالثاً: وعجزت قيادة الجماعة عجزاً فاضحاً في إدراك واستيعاب حقيقة جوهرية ظاهرة للعيان بأن مصر تمر شأنها شأن سائر بلدان ما سمي بثورات الربيع العربي تونس واليمن بمرحلة تحول تاريخي ثوري بالغ العمق وظروف عملية انتقالية جذرية من نظام حُكم انهارت شرعيته ومؤسساته، وأوضاعه ومبرره الموضوعي نحو نظام جديد تتلاطم أمواجه وتستنفر جماهيره لإعلان ولادته وبدء عملية تأسيسه وبنائه، ولم تستطع تلك القيادة ان تعي مدى الحساسية والخطورة البالغة لعملية التحول التاريخي الانتقالي التي تمر بها كل المجتمعات الانسانية في ظروف مماثلة من حيث طبيعة وحجم المهام والمسئوليات والتضحيات الجسيمة بالنظر الى خطورة وجسامة التحديات والمعوقات التي تكتنفها، وأن مواجهتها جميعًا ومعالجة المشكلات والأزمات الناتجة عنها وعظم الاهداف والمكاسب والانجازات العاجلة المطلوب بإلحاح سرعة انجازها وتنفيذها على طريق بناء النظام الجديد البديل بكل مجالاته وأوجهه، هي من الكبر والضخامة والاتساع بحيث لا تستطيع قوة سياسية بعينها وبمفردها القيام بها وتنفيذها مهما بلغ ثقلها وحجمها وشعبيتها ونفوذها على الاطلاق، وذلك ما يفرض بالضرورة والحتمية تَشكُل اصطفافًا او جبهة سياسية عريضة تضم كل القوى والمكونات والفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية جبهة وحدة وطنية واسعة تستوعب وتؤطر وتنظم كافة الامكانيات والطاقات والقدرات الوطنية نحو هدف تأسيس وإقامة وبناء المجتمع الجديد والبديل للمجتمع البائد المنهار. ان قيادة الجماعة لم تقدر هذه الحقيقة الجوهرية حق قدرها وغرٌها وأعمى بصرها وبصيرتها إما شعورها المغالي والمفرط بقوتها وامكانيتها او التوهم والتخيل النرجسي لحجم ومدى قوتها وقدرتها، واعتقدت انها قادرة ومؤهلة تماما للنهوض بمهام وأعباء ومسئوليات المرحلة الانتقالية لوحدها وبمفردها ولا تحتاج لجهود وطاقات وإمكانات سائر قوى الثورة وأحزابها ومكوناتها، وكان هذا من افدح الاخطاء وأكثرها غباء الذي وقعت الجماعة في فخاخة وترتبت عليه آثار مدمرة على مشروعها في الحُكم وإدارة الدولة وأوقعها في دوامة من الاضطراب والتشتت والتخبط الشديد ودفعها من حيث وعت ام جهلت، الى توجيه جل نشاطها وقواها نحو ما شعرت بأنه اولوية اولى، وهو اتخاذ قرارات وخطوات عاجلة ومتعجلة ومحمومة لثبيت سيطرتها وإحكام قبضتها على مختلف مفاصل ومؤسسات الدولة ووظائفها فيما عُرف بهدف “التمكين” الذي رفعته شعاراً وآمنت بضرورة تحقيقه ابتداء وقبل أي شيء اخر، وهو ما تمخض عنه اضطرار الجماعة الى جعل تلبية مطالب الناس والمجتمع واحتياجاتهم الاساسية المُلحة يحتل المرتبة التالية وليست الأولى على سُلم اولويات مهامها ومسئولياتها في إدراة شئون الحُكم والدولة مع كل ما تولد عن ذلك من اتساع نطاق التذمر والسخط الشعبي وتصاعد حدة وتائره يوماً بعد يوم كما نتج عنه تنامي شعورالاحزاب والقوى السياسية والقوى الثورية الشبابية الفاعلة بل وحتى لدى القوى والأحزاب السياسية من التيارات الاسلامية التي كانت حليفة للإخوان المسلمين منذ البداية بأن الاخوان المسلمين المسيطرين على الحُكم والدولة يمارسون سياسة بشعة وخارجة عن حدود المنطق والمعقول من الاقصاء والتهميش المتعمد والممنهج لهم جميعاً لصالح تفردهم بالسيطرة والاستحواذ على الدولة بكاملها، ولهذا تصاعدت الاحتجاجات والمسيرات المليونية المتكررة في العاصمة والمحافظات واتسعت رقعتها وقوتها باضطراد مستمر وصولا الى المطالبة بإسقاط نظام الاخوان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في ظل حكومة تكنوقراط محايدة وإعادة صياغة الدستور والقوانين الرئيسة المهمة.. إلخ.  رابعاً: ومع تصاعد واتساع وازدياد حجم ونطاق حركة الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات الشعبية التي بلغت حداً غير مسبوق وتجاوزت في مراحلها الاخيرة ما كانت عليه إبان ثورة 25 يناير الشعبية عام 2011م، ومطلبها بإسقاط حُكم الاخوان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على نحو ما ذكرناه انفاً ظلت قيادة الجماعة بعناد وتعال ملحوظ متشبثة بأساليب ووسائل منهجها السياسي العقيم والمنغلق في التعامل ومواجهة تلك الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات الشعبية الحاشدة ومنها الدفع بعناصر مليشياتها المسلحة والمدربة لفضها بالقوة ورصاص القنص ولم تخف ذلك بل اعلنت ولوحت وصرحت بأن لديها خطة جاهزة لمواجهة الجيش والتصدي له في حالة انقضاضه على ما سمته بـ”الشرعية”، وبدا واضحا وجليا ان الجهاز السري الخاص المسلح التابع للجماعة، والذي اسسته منذ مراحل تأسيسها الاولى والذي نفذ قديما سلسة من عمليات الاغتيالات والعنف وغيرها ما زال قائما وعاملا ونشطاً مما حدا ببعض المراقبين والمحللين الى توجيه الاتهام لمليشيات الجماعة المسلحة بمسئوليتها عن سلسلة من اعمال الاغتصابات للفتيات المشاركات في تلك المظاهرات الشعبية المعارضة والاعتصامات في الميادين العامة واغتيالات لأعداد من الناشطين السياسيين والإعلاميين في تلك الاحتجاجات مما كان ينسب حينها لجماعات البلطجية او ما عرف بالطرف الثالث و ذلك لقمع المظاهرات الشعبية المعارضة لهم، ان اصرار قيادة الجماعة على اتباع اساليب التعامل العقيمة مشفوعة بالأعمال الارهابية المسلحة كالاغتصابات والتصفيات الدموية والترويع للمعارضين والاحتجاجات الشعبية ومطالبتها بالجلوس الى حوارات اثبتت التجارب بأن قيادة الجماعة كانت تستخدمها لكسب الوقت والتغطية على ممارساتها القمعية واتخاذها ستارا للتنصل والتنكر لما يتم التوصل اليه من اتفاق حول بعض القضايا محل الخلاف يجعل من شعار الحوار الذي ترفعه قيادات الجماعة غير ذات معنى او جدوى، حيث تتعمد ربطه وتكييفه وإفراغه من مضامينه في النهاية تحت دعاوى ومبررات شعار “الشرعية ” تارة تطلق عليه الشرعية الدستورية واخرى الشرعية الديمقراطية وثالثة شرعية صناديق الاقتراع، في حين ان البلاد تُدفع دفعات متسارعة نحو حافة الهاوية والضياع الكامل، فعن أي شرعية يتحدثون؟! ذلك ما سنستعرضه بإذن الله في الحلقة القادمة .                                                                                                                                                                                                                                                             عبدالله سلام الحكيمي                                                                                                                                                                                                                                                       شيلفد – بريطانيا 5 يوليو 2013م        

موضوعات ذات صلة