الإستبداد الداخلي مقدمة للغزوالأجنبي

 

عبدالله سلام الحكيمي

فبراير2004م

مامن شك بان الحكم المستبد والطغيان يُفضي حتماً الى تهيئة افضل الظروف والأجواء الممهدة ويفتح الأبواب على مصاريعها للاحتلال والهيمنة والتدخلات الاجنبية في الا وطان المحكومة بالاستبداد والديكتاتورية والقمع والاضطهاد ذ لك انه في ظل اوطان محكومة بهذه الأساليب يفقد المواطن الإنسان فيها أي شعور او إحساس بالانتماء اوالمواطنة او الحرية اوالكرامة، وفي هذه الحالة يستوي عند الشعب في غالبيته الساحقة الاستبداد الداخلي والخارجي والأمّر من هذا في الغالب حينما تجد الشعوب المغلوبة على أمرها منساقة إلى حالة تدفعها الى الترحيب بالأ جنبي الغازي كنوع من ردة الفعل الإنتقامية ضد الوطني المستبد والطاغي ورغبته في ازاحته بأي شكل من الأشكال وخاصة حينما يسود الشعوب المقهورة شعور بأن الأجنبي الغازي أخف وطأة من شراسة وقهرالوطني الحاكم، وهذا لايعني إن الشعوب تلك سعيدة او راضية بالاحتلال الأجنبي، بل يعني أن الشعوب ترى أن الخلاص من الإستبداد الداخلي يكون المقدمة والمدخل المناسب لمقاومة ومواجهة الغزو والاحتلال الأجنبي،أما كيف نُحصن الأوطان من مخاطرالهيمنة والاحتلال الأجنبي فمن وجهة نظري ان ذلك يمكن ان يتحقق على نحو او آخر بالأتي :

1- ان يبدأ الحُكام المستبدون بإعادة الإحترام لأنفسهم ومسؤولياتهم حتى يحترموا شعوبهم ويتعاملوا مع مواطنيهم بحرية وكرامة وإنسانية وما لم يُقدم هؤلاء الحُكام المستبدون على مثل هذه الخطوة الأولى والأساسية فإنهم سيؤخذون بالنواصي والأقدام بأسرع مما يعتقدون بواسطة شعوبهم والأجنبي معاً، لأن القاعدة الثابتة تقول (( وما ظالم إلا ويبلى بأظلم )).

2- ان يبادرالحُكام المستبدون على الفور وطواعية وهم موفورو الكرامة والشرف الى إعادة ما نهبوه من أموال وممتلكات شعوبهم بدون وجه حق الى خزانة الدولة بمختلف السُبل والوسائل السرية او العلنيه قبل ان يُجبروا على فعل  ذلك وهم كارهون ومكسورو النواميس.

3- ان يبدأوا وبأسرع وقت ممكن في عقد مصالحات وتفاهمات ايجابية وإعادة مد جسور الثقة والاحترام المتبادل بينهم وبين شعوبهم ولن يتحقق ذلك إلا اذا سارع الحُكام الى إرضاء أولياء دم وذوي من اقدموا على إغتيالهم وتصفيتهم دموياً من مواطنيهم او عذبوهم واضطهدوهم وانتهكوا إنسانيتهم وشرفهم وكراماتهم من ابناء وطنهم، ودفعوا لهم كافة التعويضات المادية والمعنوية إنطلاقا من القاعدة القائلة (( المكاشفة طريق المصالحة)) وذلك قبل ان يُحاسبوا في الأرض اوفي السماء على كل الجرائم والتجاوزات التي ارتكبوها وهي بشعة ومريعة، وعليهم ان يعلموا علم اليقين أن ما من شئ اوفعل ارتكبوه بخافٍ او مستورْ، بل إنها جميعاً مكشوفة ومعروفة وستُكشف وتُعرف اليوم اوغداً وفي الوقت المناسب، وما من احد بمقدوره النجاة من الحساب هم او من خلفهم.

4- وعليهم الكف فوراً عن ظلم واضطهاد مواطنيهم من الطلاب اوالموظفين الذين يحرمونهم من حقوقهم المشروعة ، حيث اصبحت المنح الدراسية الى خارج البلاد او القبول بالجامعات المحلية او التوظيف والترقي تتم بتوصيات او أوامر من كبار المسؤولين لاقاربهم واصحابهم والموالين لهم بالتجاوز لكل المعاييرمن كفاءة او معدل او استحقاق، ويُحْرم منها اصحاب الحق والكفاءة والقدرة إنتهاكاً لكل مبادئ العدل والقسط وعليهم الإسراع في سباق مع الزمن في إصلاح وتصحيح كل ما افسدوه وخربوه ، من فساد وتشريعات ونظم وتعيينات وترقيات واحالة للتقاعد بين المدنيين والعسكريين وفق معايير باطلة وغير شرعية وظالمة، بهذا فقط يستطيع الحكام الطغاة الظلمة أن يحققوا قدراً لا باس به من عملية اعادة(( تبييض وجوههم)) وتحسين صورتهم المرعبة المرسومة والمحسوسة في اذهان شعوبهم ومن ثم تحقيق ((مصارحة ومصالحة تاريخية ايجابية)) مع مواطنيهم ويضمنوا إعادة الثقة والود المفقودين بينهم وبين شعوبهم. بهذا وحده يمكننا ان نُحصِن الأوطان من مخاطر وتحديات الغزو والاحتلال والهيمنة الأجنبية عن طريق جبهة وطنية متلاحمة ومتماسكة وقوية بين الحكام والمحكومين تقوم على منح المواطنين كل حقوقهم المشروعة في الحرية والكرامة والعزة والعدل والمساواة ، وما لم يتحقق ذلك فان الموجة العالمية الرهيبة العاتية والمجنونة قادمة نحونا شئنا ام ابينا وستدهمنا جميعاً وأول ما ستدهم الحكام والطغاة المستبدين ، وستحرق نارها اصابعهم وايديهم ووجوههم وجنوبهم أما الشعوب فانها قادرة على التضحية والتحمل والصمود والمقاومة والوثوب من جديد وهي  صاحبة المستقبل دائماً شاء الطغاة والغزاة معاً ام ابوا . فهل يتعظ الحكام ويستوعبون الدرس والعبرة؟ نأمل ذلك لمواجهة الطوفان .

 

صحيفة الثوري