أيـــة آفـــاق؟؟

  (الشورى) ان واقع الحال يُبرز بوضوح ان العلاقات اليمنية السعودية تمر بأزمة حقيقية شهدت سلمسلة من التداعيات المؤسفة منذ بداية ما عرف بـ(ازمة الخليج وحربها) في الثاني من شهر اغسطس 1990م عندما اجتاحت القوات العراقية اراضي شقيقتها دولة الكويت وضمها الى العراق كمحافظة من محافظاته ! واذا كان سبب تأزم العلاقات اليمنية السعودية الظاهر يتركز في طبيعة الرؤية والموقف السياسي التي اتخذته اليمن ازاء (ازمة الخليج) ، وانعكاس ذلك بجملة من التدابير والاجراءت التي اتخذتها السعودية فيما يتعلق باليمنيين المقيمين على اراضيها في ظل اجواء ملبدة بغيوم التوتر والفزع والقلق لم يقتصر تراكمها على سماء منظقة الخليج والجزيرة العربية فحسب، بل امتدت لتشمل ــ على درجات متفاوتة ــ الوطن العربي والاسلامي اجمع بفعل تطورات ازمة الخليج وتفاعلاتها المروعة ، فانه ومهما كانت الاسباب إلا انه من الضروري والحيوي ـ لاعتبارات وطنية وقومية واسلامية ـ المبادرة الى وقفة تحليلية موضوعية بتاريخ تلك العلاقات ومراحلها ـ ايجابيا وسلبيا ـ وصولا الى وضعها الراهن، ليس بهدف القاء تبعة ومسؤلية التأزم لهذا الطرف او ذاك ـ فهذا من وجهة نظرنا ليس بذات اهمية كبرى في وضع علاقات خاصة وعميقة الجذور مثل العلاقات اليمنية السعودية وانما هدفنا يتجه الى استشراف آفاق تلك العلاقات ومستقبلها باقصى حدود التجاوز والارتفاع فوق مستوى ازمة ـ هي يقيناً ـ عابرة مهما كانت اسبابها وبواعثها ، ومهما بدت درجة تعقدها واستحكامها .. ان التاريخ الطويل لتلك العلاقات بين البلدين الشقيقين الجارين وجذورها في اعماق القدم ، يجعلنا على يقين بأن الازمات التي اعترضت في الماضي مسيرة تلك العلاقات ـ على فترات زمنية محددة ومتباعدة ـ كانت بمثابة سحابات عابرة تعتم الاجواء الى حين ثم لا تلبث ان تنقشع وتتلاشى ، وتبقى علاقات التعاون الاخوي دائما هي الاصل والاساس الثابت الذي لايمكن ان تعصف به العواصف والزوابع مهما اشتدت صفيرها وعلا غبارها .. والواقع ان وشائج العلاقات بين البلدين الشقيقين وحميميتها بنيت على ركائز اساسية ثابتة وراسخة لعل اهمها وابرزها : ** الركيزة التاريخية : حيث ارتبطت اجزاء الجزيرة العربية ـ وبالذات منها اليمن في جنوبها والحجاز ونجد قبل تأسيس المملكة العربية السعودية ـ في شمالها بعلاقات متشعبة ومتداخلة ومصالح متبادلة لم تقتصر على المجال التجاري فحسب ، بل امتدت لتشمل ـ على الصعيد الاجتماعي والثقافي ـ التصاهر والاندماج السكاني وامتزاج العادات والتقاليد ، حتى اننا نجد ان الجماعات القبلية الرئيسية القائمة حاليا في البلدين تعود الى اصول وتنحدر من انساب واحدة الى حد وحدة تسمياتها ، وليس من المبالغة القول ان المجتمع في البلدين يمثل نسيجا بشريا واحدا ، ولا شك ان الاطار الجغرافي الواحد للبلدين قد ساعد الى حد كبير في بلورة ذلك التجانس والامتزاج البشري والاجتماعي والثقافي .. ** الركيزة الدينية : وبظهور انوار رسالة الدين الاسلامي في منطقة الجزيرة العربية ، تعمقت وتعززت وترسخت وشائج العلاقات القائمة بين البلدين ، بفعل المسؤلية التي اُلقيت على كاهل الشعب العربي المسلم في البلدين في حمل رأية الاسلام الذي اراده الله سبحانه وتعالي رسالة هدى للبشرية جمعا وابلاغه للناس كافة ، فامتزجت دماء ابنائهما معا في مسيرة الفتوحات الاسلامية العظيمة تحريرا للانسان من عبودية الانسان من القهر ولاستبداد والظلم ، وانتصار لقيم الحق والعدل والحرية والمساواة .. ويسجل التاريخ لشعب الجزيرة العربية دوره البارز في بلورة وانضاج واكتمال الشخصية القومية لامة العرب على اساس منهج الاسلام وتعاليمه .. لقد خلق الاسلام ذلك النسيج البشري الواحد ، الناتج عن تفاعل وتنامي العلاقات والمصالح والوشائج الاجتماعية والثقافية بين الشعبين الشقيقين ، خلق له وحدة العقيدة التي اضفت عليه معناه الحقيقي ورسمت له اهدافه وغاياتة السامية ، وحققت له وحدة اللغة التي حققت بدورها وحدة الفكر والمشاعر والوجدان .. ** الركيزة الاقتصادية :  حيث نتج عن المجال الجغرافي الواحد والنسيج البشري المتجانس والتفاعل التاريخي الطويل، مصالح اقتصادية واسعة ومشتركة بل ومتميزة عبر مراحل التاريخ المختلفة ، وهي مصالح عملت  ـ مع تناميها المستمرـ على تمتين وتقوية عُرى العلاقات الاخوية الحميمة بين الشعبين وساعدت على خلق عوامل الاستقرار والنمو الداخلي ، حيث فتحت السعودية المجال واسعا امام العاملين والمستثمرين اليمنيين في ظل معاملة خاصة ومتميزة لهم تكاد تتشابه او تقترب من معاملة المواطنين السعوديين انفسهم، ولم يكن مستغربا ـ والحال هذه ـ ان يصل عدد اليمنيين في السعودية في المراحل المتأخرة الى ما يقارب المليون ونصف المليون او يزيدون ، وما من شك ان هؤلاء الاعداد الكبيرة من المغتربين بقدر ما ساهموا مساهمة بارزة في عملية النهضة الشاملة التي شهدتها السعودية بتفان واخلاص ، فانهم من جانب آخر كان لهم اسهاما رئيسيا ومهما للغاية في تطوير ونهضة وطنهم عبر حجم تحويلاتهم النقدية الى اُسرهم داخل اليمن .. كما ان احدا من اليمنيين لا يستطيع ان ينكر او يتنكر للمساعدات والعون الكبير الذي قدمته السعودية لليمن في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والمالية والصحية .. الخ، الا ان يكون مكابرا او جاحدا ، فاليمنيون ـ على وجه العموم ـ  يكنون مشاعر من العرفان والامتنان لدور السعودية في مساعدة بلادهم ، وذلك من شيم العرب واخلاقيات دينهم الاسلامي. ** الركيزة الامنية : ان الموقع الجغرافي الواحد الذي تحتله البلدان ضمن اطار الجزيرة العربية واطلاله على اهم واخطر الممرات المائية العالمية بدءامن الخليج العربي ومرورا بمضايق باب المندب وانتهاء بالشاطئ الشرقي للبحر الاحمر ،يجعل من المستحيل تجزئة اعتبارات ومقتضيات ومتطلبات امنهما الوطني ، ذلك ان حماية الامن الوطني، من الناحية الاستراتيجية ، لأي من البلدين لا يمكن تصور امكانية تحقيقها بمعزل عن الاخرى ، وتزداد اهمية وحيوية وضرورة ترابط مسائل الامن للبلدين ترابطاعضويا في ظل المتغيرات الدولية المذهلة والعاصفة وطبيعة الترتيبات الامنية الاقليمية التاتجة عن تلك المتغيرات، حيث برهنت الاحداث ولا تزال تبرهن على انه لا اليمن ولا السعودية قادرة على الاستغناء عن بعضهما البعض .. ولا يستطيع طرف الغاء دور ووجود الطرف الاخر، ولا مجال امامهما سوى تكامل الادوار وتناسق الحركة وتضافر الجهود لخدمة اهدافهما المشتركة.. تلك اذن ـ وبشكل سريع ـ  نظرة خاطفة لطبيعة العلاقات التي تربط بين البلدين منذ القدم والركائز الابدية التي ترتكز عليها ، وهي طبيعة وركائز قلَ ان نجد نظيرا لها في وضع علاقة اخرى بين بلدين.. فما الذي حدث مسببا تأزمها ؟ واضح تماما للمتتبع لمسار العلاقات اليمنية السعودية ان التازم قد بدا متزامنا مع بداية ما اصطلح على تسميته (( ازمة الخليج)) التي اشعلتها شرارة اجتياح الجيش العراقي لدولة الكويت واعلان الغائها وضمها الى العراق ! في الثاني من شهر اغسطس عام 1990م ورغم ان الموقف اليمني الرسمي المعلن لم يعترف بذلك الاجراء العراقي ، وظل معترفا بالشرعية القائمة في الكويت قبل الاجتياح والضم، الا ان جملة من المواقف والتصريحات قد اسهمت الى حد كبير في اضفاء حالة من الارباك والغموض على الموقف اليمني حتى بدى وكأنه مناقض للكيفية التي اعلن بها عن نفسه ، ويمكن الاشارة الى ابرز تلك المواقف وردود الافعال على النحو التالي :  1- امتناع وفد اليمن الى الامم المحتدة، والذي كان انذاك عضوا في مجلس الامن عن التصويت على قرار المجلس رقم 660 بادانة الغزو العراقي للكويت، اوبالاصح تغيبه عن جلسة التصويت صباح يوم 3 اغسطس 1990م.   2- امتناع اليمن عن التصويت على القراررقم 661 القاضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق ،وتشكيل لجنة خاصة للاشراف على تطبيق تلك العقوبات .. اضافة الى قرارات اخرى من قرارات مجلس الامن الدولي متعلقة بالموضوع لم تمتنع عن التصويت فيها سوى بلادنا وكوبا. 3- تشكيل (( لجنة شعبية عليا لمناصرة العراق)) ضمت عددا من الواجهات الرسمية والحزبية والشعبية ، وتغطية اخبارها وانشطتها عبر وسائل الاعلام الرسمية مقرؤة ومرئية ومسموعة، الى حد اعطاء الانطباع بالتحيز الواضح الى جانب العراق. 4- قيام عدد من التظاهرات الجماهيرية وفي العاصمة صنعاء على وجه الخصوص وخروج تلك المظاهرات على حدود التعبير الديمقراطي السليم عن الرأي ، وجنوحها نحو اعمال شغب موجهة ضد بعض السفارات ، ومنها السفارة السعودية بصنعاء، اضافة الى مارافقها من اسفاف وتجاوز حدود اللباقة والكياسة في اطلاق شعارات مست ـ بهذا القدر او ذاك ـ  دولا وزعامات ومنها السعودية والملك فهد، ولقد بدى للبعض ان هناك دفعا رسميا او تحريضا غير مباشر على قيام تلك المظاهرات من قبل اجهزة رسمية. 5- وزاد الامر سوءا الدور الاعلامي الذي لعبته اجهزة الاعلام وخاصة الصحف وفي مقدمتها الصحف الحزبية والاهلية، في زيادة حدة التوتر وتصعيد حرارة المجابهة الاعلامية بين البلدين، من خلال استخدام اساليب ولغة خطاب استند الى الحدة والشتائم والاساءة التي تمس اشخاص الزعامات! 6- الاجراءات التي اتخذتها السلطات السعودية بحق المغتربين اليمنيين ومطالبتهم بتكييف اوضاعهم فيما يتعلق بشروط الاقامة اسوة ببقية الجاليات في السعودية ، وكانت تلك الاجراءات ـ  مع الاقرار بمشروعيتها ـ استنادا الى سيادة الدولة على اراضيها، الا انها كانت في حقيقة الامر قاسية وثقيلة على مشاعر اليمنيين المقيمين بالسعودية بالنظر الى المعاملة الخاصة والمتميزة التي ظلوا يتمتعون بها لأمد طويل حتى اصبحوا يحسون بانهم في وطنهم تقريبا.. ومهما يكن من امر فانه ينبغي علينا ـ من وجهة نظر شخصية بحتة ـ ان نعترف بحقيقة مؤداها ان اسلوب ادارة الموقف السياسي لبلادنا تجاه ازمة الخليج لم تكن موفقا بما فيه الكفاية تاركا في مخطط حركته ثغرات نفذت عبرها عوامل الارباك والغموض والتضارب ، واذا كان الموقف الرسمي قد اعلن عدم اعترافه بضم الكويت للعراق منذ البداية ، الا انه في المواقف المترجمة للاعلان الرسمي لم يكن حاسما بل ان البعض لاحظ شيئا من الارتباك والتردد في التعبير الواضح عن ذلك الموقف الرسمي وخاصة الموقف من قرارات مجلس الامن!ومع ذلك فقد نلتمس العذر في ذلك اذا سلمنا جميعا بان اشتعال ازمة الخليج وتداعياتها الرهيبة ونتائجها المدمرة قد احدثت ـ في واقع الامرـ زلزالا عنيفا امتد ليشمل باثاره وانعكاساته مجمل الواقع العربي وسياساته وثوابته ابتداء من المنظمات السياسية والثقافية وانتهاء بالدول ، بل ان ذلك الزلزال امتد بتأثيراته ليشطر تفكير وقناعات الاسر والافراد .. بحكم ان الازمة نتجت عن فعل غير مسبوق في العلاقات العربية لم تكن العقلية العربية مستعدة للتعامل معه بطريقة طبيعية واعتيادية.. ذلك كان السبب المباشر ـ اذن ـ لتأزم العلاقات اليمنية السعودية.. بيد ان البعض يعتقد استنادا الى اطروحاته الاعلامية السياسية ان السبب الحقيقي لذلك التأزم انما يعود الى عاملين : الاول : الموقف السعودي المعادي للوحدة اليمنية . الثاني : مسألة ترسيم الحدود بين البلدين . وفي اعتقادي ان العامل الاول ليس صحيحا ـ بشكل عام ـ اذ لايستند الى حقائق ثابتة ، بل على العكس من ذلك تماما نجد الموقف الرسمي وتصريحات كبار المسؤلين السعوديين قبل قيام الوحدة وبعدها ، ولعل هؤلاء يتذكرون معي الزيارة التي قام بهاالاخ الرئيس علي عبدالله صالح للسعودية عقب التوقيع على اتفاقية الوحدة ولقائه بالملك فهد في منطقة “حفر الباطن” وطبيعة الحرارة والتأييد والمباركة المطلقة لقيام الوحدة التي اتسمت بها تصريحات الملك فهد بعبارات عاطفية متأججة ، واعلانه ان الوحدة اليمنية عمل خير يضاف الى قوة العرب والمسلمين وعامل استقرار للمنطقة كلها، ولا اعتقد ان هناك عربيا لايسعده ولايسره اي تقارب اوتعاون او وحدة بين بلدين عربيين او اكثر.. اضافة الى ان القول بأن السعودية ليست مرتاحة من قيام الوحدة اليمنية يفترض سلفا وجود حالة عداء مستحكمة بين البلدين، ومثل تلك الحالة ـ في اعتقادي ـ لم تكن موجودة اصلا . يبقى العامل الثاني المتعلق بمشكلة الحدود بين البلدين وهو يكتسب قدرا من الوجاهة والمعقولية ، تجعلة جديرا بالنقاش.. وبادئ ذي بدء نقول انه لاتكاد توجد دولة على امتداد العالم كلة خالية من وجود مشكلة حدود مع دولة او دول اخرى.. اذن فوجود مشكلة حدود بين بلادنا والسعودية امر عادي وطبيعي بحكم الجوار الجغرافي ، وان مصيرها سوف يفضي حتما الى ايجاد حل متفق عليه عاجلا اواجلا.. وهناك كما هو معروف عدة وسائل لمعالجة مشاكل الحدود هي : *  اما بالحرب وهذا خيار غير وارد ، على الاقل في المرحلة الراهنة والممتدة على المدى المنظور في تفكير قيادتي البلدين ، بل ان منطق العصر يرفضه تماما كأسلوب في فض المنازعات بين الدول، اضافة الى استحالته بين شعبين شقيقين.. *  واما المفاوضات الثنائية بين الطرفين لايجاد صيغة حل ودي مقبول منهما . *  واما اللجوء الى التحكيم الدولي للفصل في الخلاف بموجب مالدى الطرفين من وثائق واتفاقيات ومعاهدات الخ.. والواقع ان العلاقة التاريخية عميقة الجذور القائمة بين الشعبين الشقيقين الجارين في اليمن والسعودية لاتتيح ، ولاينبغي ان تتيح ، سوى الجلوس الى مائدة المفاوضات في اجواء اخوية ودية، فان الحرص على استمرار وتنامي العلاقات يظل اهم وابقى في حياة الشعوب من حفنة تراب يذهب هنا او هناك فمئآله في الاخير الى ارض عربية اسلامية واحدة ،ومسائل الحدود بين الاشقاء حينما تسوى بالحروب او بوسيلة التحكيم الدولي فان الاثار النفسية السلبية والشعور بالمرارة التي قد تخلفها تظل اخطر بكثير على مستقبل علاقاتهم ، في حين ان الاسلوب الاخوي والودي مهما كانت نتائجه يُبقي على وشائج وصلات الاخاء والمودة والوحدة دائما .. والواقع ان مابيننا وبين السعودية يبقى على الدوام اهم واكبر واسمى من خط حدود يرسم بهذا الاسلوب او ذاك .. ذلك ان الشعبين يتوقان الى الغاء الحدود والقيود بينهما في اتجاه العمل على خلق سوق مشتركة واحدة مع سائر بلدان الجزيرة العربية يتحقق من خلالها اطلاق حرية التبادل التجاري وحركة المواطنين ، مقدمة لتهيئة ظروف واوضاع ملائمة لتحقيق وحدة الجزيرة العربية كلها.. لقد ظل منحنى مسار العلاقات اليمنية السعودية يشهد ارتفاعا ملحوظا في فترات الاستقرار السياسي والنهوض التنموي في البلدين، والعكس بالعكس وشهدت تلك العلاقات فترة طويلة من الازدهار والتالق انعكست ايجابيا على تحقيق اكبر قدر من الامن والاستقرار للمنطقة كلها، كان ذلك حينما تحصنت تلك العلاقات في حصن كل الحقائق والركائز التي اشرنا اليها والغير قابلة للالغاء.. ومهما كانت مآخذ هذا الطرف او ذاك على الآخر قوية وواقعية فان حقائق علاقاتهما ومنطقها تظل الاكثر قوة والاكثر واقعية ، وهو ما يجب ان يكون حاضرا امام صانعي القرار السياسي في البلدين تأكيدا على حتمية العيش معا وليس هناك من خيار اخر بديل.. ولقد آن الاوان للمهمة الديبلوماسية في البلدين ان تعطي الاولوية المطلقة للعمل بكل جهد واخلاص لاعادة حركة العلاقات الى المرحلة الحيوية والايجابية التي كانت عليها.. ذلك ان السياسة الخارجية للبلدين لا يمكنها ـ مهما كانت مبرراتها ودواعيها ـ ان تقفز متجاوزة اطارها الاقليمي لاهميته البالغة من الناحية الامنية الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ، في عالم لامكان فيه للكيانات الصغيرة.. والماضي ـ اياً بلغت الآم احداثه ومعاناته ـ  ليست له اي اهمية او قيمة الا بالقدر الذي نستطيع ان نستخلص من أطلاله المتناثرة الدروس والعبر المستفادة في حركتنا نحو صنع المستقبل الواعد على ارضنا.   والله الموفق.

موضوعات ذات صلة